responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 15  صفحة : 449

و الآخر دليل «الصديقين».

و دليل «النظم» كما يظهر من اسمه، يبدأ من نظام عالم الوجود و أسراره و دقائقه، ليرشد إلى مصدر العلم و القدرة و الخلق الذي أوجد ذلك و دبره، و القرآن الكريم ملي‌ء بهذا النوع من الاستدلال، فهو يذكر نماذج كثيرة عن آيات اللّه في السماء و الأرض و في مظاهر الحياة و نظمها و ما يمور فيها من كائنات، و ينتهي من هذا الطريق إلى إثبات وجود الصانع المدبّر (جلّ و علا).

إنّ كلّ شخص يستطيع استيعاب هذا النوع من الاستدلال مهما كان مستواه و على قدر ما يجمل من علم و إدراك، إذ يستفيد منه أكبر العلماء على قدر استعداده و ثقافته استيعابه، في نفس الوقت الذي يستفيد منه الأمّي و غير المتعلّم و غير المطّلع على فنون العلوم و المعرفة.

أمّا دليل «الصديقين» فهو نوع من الاستدلال يقوم بالوصول إلى (الذات) بواسطة (الذات) نفسها، و مثل هؤلاء يعرفونه تعالى من خلال وجوب وجوده.

بعبارة اخرى: إنّ الممكنات و المخلوقات لا تكون هنا واسطة لإثبات وجوده، بل إنّ ذاته بنفسه تدل على ذاته، و يكون تعالى مصداقا ل

«يا من دلّ على ذاته بذاته» [1]

و مصداقا أيضا ل شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ [2].

إنّ هذا الاستدلال استدلال فلسفي معقد بحيث لا يستطيع أن يحيط بكنهه و بأعماقه إلّا من يحيط بمبادئه، و ليس من قصدنا هنا تبسيط الدليل فذلك شأن الكتب الفلسفية، و إنّما أردنا من خلال هذا العرض أن نقف على آراء بعض المفسّرين من الذين يعتقدون بأنّ مطلع الآية في قوله تعالى: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ‌ يتضمّن إشارة إلى دليل «النظم» و العلة و المعلول. بينما اعتبروا نهاية الآية في قوله تعالى: أَ وَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى‌ كُلِّ شَيْ‌ءٍ شَهِيدٌ إشارة إلى دليل‌


[1]- هذا المقطع من دعاء الصباح المنقول عن أمير المؤمنين عليه السّلام.

[2]- آل عمران، الآية 18.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 15  صفحة : 449
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست