تقول أيضا، و هي منهم إشارة إلى عطل المركز الأصلي للعمل و الوسائل المساعدة
الأخرى.
و بعد ذلك، فإن بيننا و بينك حجاب سميك، بحيث حتى لو كانت آذاننا سالمة فإننا
لا نسمع كلامك، فلما ذا- إذا- تتعب نفسك، لماذا تصرخ، تحزن، تقوم بالدعوة ليلا و
نهارا؟ اتركنا و شأننا فأنت على دينك و نحن على ديننا.
هكذا ... بمنتهى الوقاحة و الجهل، يهرب الإنسان بهذا الشكل الهازل عن جادة
الحق.
و الطريف أنّهم لم يقولوا: «و بيننا و بينك حجاب» بل أضافوا للجملة كلمة «من»
فقالوا: وَ مِنْ بَيْنِنا وَ بَيْنِكَ حِجابٌ و ذلك لبيان زيادة التأكيد، لأنّ بزيادة هذه الكلمة يصبح
مفهوم الجملة هكذا: إنّ جميع الفواصل بيننا و بينك مملوءة بالحجب، و طبيعي أن يكون
حجاب مثل هذا سميكا عازلا للغاية ليستوعب كلّ الفواصل بين الطرفين، و بذلك سوف لا
ينفع الكلام مع وجود هذا الحجاب.
و قد يكون الهدف من قول المشركين: فَاعْمَلْ
إِنَّنا عامِلُونَ محاولتهم زرع اليأس عند
النّبي صلّى اللّه عليه و اله و سلّم. أو قد يكون المراد نوعا من التهديد له، أي
اعمل ما تستطيعه و نحن سوف نبذل ما نستطيع ضدّك و ضدّ دينك، و التعبير يمثل منتهى
العناد و التحدي الأحمق للحق و لرسالاته.