أهل الدعوة و الحق على غاية قصوى من الدقة و الحذر، إذ يجب أحيانا التكتم على
الإيمان و إخفاء القناعات الحقة، كما يجب في أحيان اخرى الجهر بدعوة الحق و إظهار
الإيمان.
إنّ التقية ليست سوى إخفاء اعتقاد الإنسان و التكتم عليه في فترة معينة في
سبيل الأهداف المقدّسة.
و كما يعتبر التسلّح بالسلاح المادي الظاهري من ضرورات المنعة و أسباب دحر
العدو، كذلك فإنّ المنطق القوي و الحجّة البالغة هي سلاح ضروري قد يعادل في تأثيره
السلاح المادي عدة مرّات. لذا فإنّ العمل الذي قام به (مؤمن آل فرعون) بواسطة
منطقة و قوة حجته و حكمة تصرفه لم يكن ليعادله أي سلاح آخر.
ثم إنّ قصة هذا الرجل المؤمن تظهر أنّ اللّه جلّ و علا لا يترك عباده المؤمنين
وحيدين، بل يحميهم بلطفه عن الأخطار.
و أخيرا فإن من الضروري أن نشير إلى حياة مؤمن آل فرعون انتهت كما في بعض
الروايات إلى الاستشهاد، و أنّ ما يقوله القرآن من حفظ اللّه له و وقايته له يمكن
تأويله بإنقاذه من براثن خططهم الشيطانية في إغوائه و جرّه إلى ساحة الضلال و
الشرك، و أنّ اللّه أنجاه من سوء المنقلب و انحراف العقيدة [1].
ثانيا: تفويض الأمور إلى اللّه
فيما يخص التفويض إلى اللّه تبارك و تعالى يكفي أن نفتتح الحديث
بقول لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام، جاء فيه: «الإيمان له أربعة أركان: التوكل على اللّه، و تفويض الأمر
إلى اللّه عزّ و جلّ و الرضى بقضاء اللّه، و التسليم لأمر
جاء في كتاب (محاسن البرقي): عن الإمام الصادق عليه السّلام في تفسير قوله تعالى:
فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا قوله عليه السّلام: «أما لقد سطوا عليه و قتلوه و لكن أ
تدرون ما وقاه؟ وقاه أن يفتنوه في دينه» نور
الثقلين، المجلد الرابع، ص 521.