responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 15  صفحة : 27

فأحيانا يصل الإنسان بعد مشاهدته لهذه الآثار التوحيدية العظيمة إلى مقام الشهود. ثمّ أشار تعالى إلى ذاته القدسية، حيث يقول: ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ‌ حقّا لو كانت هناك عين بصيرة فيمكنها أن تراه إنّه وراء هذه الآثار ... فعين الجسم ترى الآثار، و عين القلب ترى خالق الآثار.

عبارتي «ربّكم» و «له الملك» تدلان في الحقيقة على حصر الربوبية بذاته الطاهرة المقدسة، و الذي اتضح بصورة جيدة في عبارة لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فعند ما يكون هو الخالق و المالك و المربي و الحاكم لكلّ عالم الوجود، فما هو دور غيره في هذا العالم كي يستحق العبودية؟! و هنا تصرخ الآية بوجه مجموعة من النائمين و الغافلين قائلة: فَأَنَّى تُصْرَفُونَ‌ أي كيف ضللتم و انحرفتم عن سبيل التوحيد [1]؟

بعد ذكر هذه النعم الكبرة التي منّ بها البارئ عزّ و جلّ على عباده، تتطرق الآية التالية إلى مسألة الشكر و الكفر، و تناقش جوانب من هذه المسألة. و في البداية تقول: إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ‌ اي إن تكفروا أن تشكروا فإنّ نتائجه تعود عليكم، و اللّه غني عنكم في حال كفركم و شكركم.

ثمّ تضيف، إنّ غناه و عدم احتياجه لا يمنعان من أن تشكروا و تتجنبوا الكفر، لأنّ التكليف إنّما هو لطف و نعمة إلهية، نعم، قال تعالى: وَ لا يَرْضى‌ لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَ إِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ‌ [2].

و بعد استعراض هاتين النقطتين تستعرض الآية نقطة ثالثة و هي‌


[1]- نلفت الانتباه إلى أن (أنّى) تأتي أحيانا بمعنى (اين) و أحيانا أخرى بمعنى (كيف).

[2]- وفق القراءات المشهورة، فإن (يرضه) تقرأ بضم الهاء و بدون إشباع الضمير، لأنّها كانت في الأصل (يرضاه) و قد أسقطت الألف بسبب الجزم و أصبحت (يرضه) و الضمير فيها يعود على الشكر. و رغم أن كلمة (شكر) لم ترد من العبارة السابقة بصورة صريحة، إلّا أن عبارة (إن تشكروا) تدل عليها، كما هو الحال بالنسبة إلى الضمير في‌ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى‌ الذي يعود على العدالة.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 15  صفحة : 27
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست