الآية التي تليها تتحدث عن صفة سابعة للقيامة تتمثل في قوله تعالى: وَ اللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِ.
أمّا غيره: وَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا
يَقْضُونَ بِشَيْءٍ.
في ذلك اليوم يختص اللّه وحده بالقضاء، و هو جلّ جلاله لا يقضي إلّا بالحق،
لأنّ القضاء بغير الحق- بالظلم مثلا و الانحياز- إمّا أن يعود إلى الجهل و عدم
المعرفة، و اللّه محيط بكل شيء، حتى بما يموج في الضمائر و ما تكنّه السرائر. أو
أنّه يكون نتيجة للعجز و الاحتياج، و هذه صفات هي أبعد ما تكون عن ذات اللّه جلّ
جلاله.
إنّ هذا التعبير يحمل في مؤدّاه دليلا كبيرا على توحيد المعبود و العبادة،
لأنّ من يكون له حق القضاء في النهاية يستحق العبادة حتما أمّا الأصنام التي لا
تنفع شيئا في هذا العالم، و لا تكون في القيامة مرجعا للحكم و القضاء، فكيف تستحق
العبادة.
و من الضروري أن نشير أيضا إلى أنّ للحكم و القضاء بالحقّ معاني واسعة، إذ هي
تشمل عالم التكوين و عالم التشريع، حيث، وردت كلمة «قضى» في الآيات القرآنية لتشمل
المعنيين، ففي مكان نقرأ قوله تعالى: وَ قَضى
رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ[1] حيث تنطوي الآية على القضاء التشريعي. و في
آية اخرى نقرأ قوله تعالى: إِذا قَضى
أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ[2].
و في الختام و للتأكيد على المطالب المذكورة في الآيات السابقة تضيف الآية (إن
اللّه هو السميع البصير).