و على هذا الأساس فإنّ هناك حياة جسمانية و حياة برزخية، ففي نهاية العمر يحل
الموت بحياتنا الجسمانية، لكن في نهاية العالم يحل بحياتنا البرزخية.
يترتب على ذلك أن تكون هناك حياتان بعد هذين الموتتين: حياة برزخية، و حياة في
يوم القيامة.
و هنا قد يطرح البعض هذا السؤال: إنّنا في الواقع نملك حياة ثالثة هي حياتنا
في هذه الدنيا، و هي غير هاتين الحياتين، و قبلها أيضا كنّا في موت قبل أن نأتي
إلى هذه الدنيا، و بهذا سيكون لدينا ثلاث موتات و ثلاثة إحياءات.
و لكن الجواب يتوضح عند التدقيق في نفس الآية، فالموت قبل الحياة الدنيا (أي
في الحالة التي كنّا فيها ترابا) يعتبر «موتا» لا «إماتة» و أمّا الحياة في هذه
الدنيا فالبرغم من أنّها مصداق للإحياء، إلا أنّ القرآن لم يشر إلى هذا الجانب في
الآية أعلاه، لإنّ هذا الإحياء لا يشكّل عبرة كافية بالنسبة للكافرين، إذ الشيء
الذي جعلهم يعون و يعترفون بذنوبهم هو الحياة البرزخية أوّلا، و الحياة عند البعث
ثانيا.
ثانيا: إنّ المقصود بالحياتين، هو الإحياء في القبر لأجل بعض الأسئلة، و
الإحياء في يوم القيامة، و إنّ المقصود بالموتتين، هما الموتة في نهاية العمر، و
الموتة في القبر.
لذلك اعتبر بعض المفسّرين هذه الآية دليلا على الحياة المؤقتة في القبر.
أمّا عن كيفية حياة القبر، و فيما إذا كانت جسمانية أو برزخية. أو نصف
جسمانية، فهذه كلّها بحوث ليس هنا مجال الخوض فيها.
ثالثا: إنّ المقصود بالموتة الأولى، هو الموت قبل وجود الإنسان في هذه الدنيا،
إذ أنّه كان ترابا في السابق، لذا فإنّ الحياة الأولى هي الحياة في هذه الدنيا، و
الموت الثّاني هو الموت في نهاية هذا العالم، فيما الحياة الثانية هي الحياة عند