و لكن بعد توالي الموت و الحياة لا يبقى مجال للإنكار، و قد يكون سبب تكرارهم
للموت و الحياة، أنّهم يريدون القول: يا خالقنا الذي تملك الموت و الحياة، أنت
قادر على أن تعيدنا إلى الدنيا مرة اخرى كي نعوّض ما مضى.
ذكر المفسرون عدّة تفاسير حول المقصود من قوله تعالى: أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ و أَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ و من بين هذه التفاسير هناك ثلاثة آراء نقف عليها فيما
يلي:
أوّلا: أن يكون المقصود من أَمَتَّنَا
اثْنَتَيْنِ هو الموت في نهاية العمر، و الموت في نهاية
البرزخ. أمّا المقصود من
أَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فهي الإحياء في
نهاية البرزخ و الإحياء في القيامة.
و لتوضيح لذلك، نرى أنّ للإنسان حياة اخرى بعد الموت تسمى الحياة البرزخية، و
هذه الحياة هي نفس حياة الشهداء التي يحكي عنها قوله تعالى: بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ[1]، و هي نفس حياة
النّبي صلّى اللّه عليه و اله و سلّم و الأئمّة من أهل البيت عليهم السّلام، حيث
يسمعون سلامنا و يردون عليه.
و هي أيضا نفس حياة الطغاة و الأشقياء كالفراعنة الذين يعاقبون صباحا و مساء
بمقتضى قوله تعالى: النَّارُ يُعْرَضُونَ
عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا[2].
و من جانب آخر نعرف أنّ الجميع، من الملائكة و البشر و الأرواح، ستموت في
نهاية هذا العالم مع أوّل نفخة من الصور:
فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ[3]. و لا يبقى أحد سوى الذات الإلهية (بالطبع على
خلاف ما أوضحناه في نهاية الآية (86) من سورة الزمر بين موت و حياة الملائكة و
الأرواح، و بين موت و حياة الإنسان).