هل ييأس الإنسان عند المصيبة و يغترّ و يطغى عند النعمة؟
هل أنّه يزداد تفكيرا باللّه عزّ و جلّ عند ما يحاط بهذه النعم، أم أنّه يغرق
في ملذات الدنيا؟
هل ينسى ذاته، أو أنّه يلتفت إلى نقاط ضعفه و يعود إلى ذكر اللّه أكثر؟
ممّا يؤسف له أنّ أكثر الناس مبتلون بالنسيان، و غير مطلعين على الحقائق التي
تكررت مرات عديدة في آيات القرآن المجيد، و هي أنّ العزيز الحكيم يجعل الإنسان
أحيانا محاطا بالمشاكل و الابتلاءات الشديدة، و أحيانا يغدق عليه النعم، و ذلك
ليمتحنه و يرفع من شأنه و ليعرفه بأن كلّ شيء في هذه الحياة هو من اللّه سبحانه و
تعالى.
و من الطبيعي أنّ الشدائد تهيء الأرضيه لتفتتح الفطرة، كما أنّ النعم مقدمة
للمعرفة (و في هذا الخصوص أوردنا بحثا آخر في تّفسيرنا الأمثل في نهاية الآية (65)
من سورة العنكبوت).
و ممّا يدعوا إلى الانتباه تأكيد الآية على كلمة (إنسان) التي عرفته بأنّه
كثير النسيان و الغرور، و هذه إشارة إلى الذين لم يتربوا وفق ما جاء في الشرائع و
السنن الإلهية، و الذين لم يكن لهم أيّ مربّ و مرشد .. الذين أطلقوا لشهواتهم
العنان و استسلموا لأهوائهم، نعم فهؤلاء هم الذين يلجؤون إلى البارئ عزّ و جلّ
كلّما مسّهم الضرّ و كلمّا ابتلوا بالشدائد و المحن، و لكن عند ما تهدأ أعاصير
الحوادث و يشملهم لطف البارئ و عنايته، ينسونه و كأنّهم لم يدعوه إلى ضرّ مسّهم. و
لمزيد من الاطلاع راجع موضوع: الإنسان في القرآن الكريم. في نهاية الآية (12) من
سورة يونس.
و تضيف الآية التالية قَدْ
قالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ[1].
[1]- ضمير (قد قالها) راجع إلى القول
السابق باعتبار أنّه مقالة أو كلمة، و المراد منها عبارة إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ.