responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 15  صفحة : 113

اللّه عند ما يصيبه الضرّ و يتعرض للشدائد. لكن هذا اللجوء مؤقت، إذ ما إن يتفضّل عليه البارئ عزّ و جلّ و يكشف عنه الضر و الشدائد، حتى يتبجح ناكرا لهذه النعم، و زاعما بأنّه هو الذي أنقذ نفسه من ذلك الضر ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى‌ عِلْمٍ‌ [1].

نظير هذا الكلام نقله القرآن في الآية (78) من سورة القصص عن لسان «قارون» عند ما نصحه علماء بني إسرائيل بأن ينفق ممّا منّ اللّه به عليه في سبيل اللّه، إذ قال: إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى‌ عِلْمٍ عِنْدِي‌.

إنّ أمثال هؤلاء الغافلين لا يتصورون أنّ العلوم و المعارفة التي يمتلكها الإنسان إنّما هي نعمة إلهية، فهل أنّ هؤلاء اكتسبوا العلم الذي كان يدرّ عليهم الأموال الطائفة من ذاتهم؟ أم أنّه كان في ذاتهم منذ الأزل؟

بعض المفسّرين ذكروا احتمالا آخر لتفسير هذه العبارة، و قالوا: إنّ النعم التي منّ بها البارئ عزّ و جلّ علينا إنّما منّ بها علينا لعلمه بلياقتنا و استحقاقنا لها.

و مع أنّ هذا الاحتمال وارد بشأن الآية مورد بحثنا، لكنّه غير وارد بشأن الآية الآنفة التي تحدثت عن قارون، خاصة مع وجود كلمة (عندي) و هذه أحد القرائن لترجيح التّفسير الأوّل للآية التي هي مورد البحث.

ثم يجيب القرآن الكريم على أمثال هؤلاء المغرورين، الذين ينسون أنفسهم و خالقهم بمجرّد زوال المحنة و توفّر النعمة، قائلا: بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ‌.

فالهدف من ابتلائهم بالحوادث الشديدة و الصعبة، و من ثمّ إغداق النعم الكبيرة عليهم هو اظهار خباياهم و الكشف عن بواطنهم.


[1]- «خول»: من مادة (تخويل) و تعني الإعطاء على نحو الهبة، و قد شرحت بالتفصيل في ذيل الآية الثامنة من هذه السورة (الزمر)، ضمير (أوتيته) رغم أنّه يعود على (نعمة) فقد جاء بصيغة المذكر، لأنّ المقصود منه (شي‌ء من النعمة) أو (قسم من النعمة).

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 15  صفحة : 113
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست