الأحكام الشرعية ونرى حتى الصلاة والدعاء والمناجاة كوسيلة لتسكين آلامنا
الروحية واضطراباتنا ومعاناتنا ومن يبحث عن شيء آخر فهو على خطأ، كما يخطىء ذلك
الذي يتصور حتى استحباب لبس الثياب النظيفة وتقليم الأظافر وإزالة آثار العنكبوت
وعدم الشرب من الآنية المكسورة يتعلق بالآثار الأخلاقية والمعنوية والروحية، بل
بعض الأحكام الإسلامية شرعت لأمور أخلاقية وتكامل روحي، وبعضها الآخر لنظم الحياة
المادية، وأغلبها تنطوي على البعدين. نعود الآن لأصل الموضوع لنرى الضابطة التي
ينبغي اعتمادها في التعامل مع فلسفة الأحكام.
فالأحكام الشرعية تقسم إلى أربعة:
1- الأحكام الواضحة فلسفتها للجميع منذ بعثة النبي الأكرم صلى الله عليه و آله
وكلّ أدرك بعضها حسب علمه، وقد تقننت بغية إمتثالها من قبل الجميع، كحرمة الكذب
والخيانة والتهمة وقتل النفس والسرقة والظلم والاحتكار والتطفيف في الميزان والأمر
بالعدالة والصدق وإعانة الضعفاء والعمل والمثابرة وبر الوالدين والإحسان إلى
الجار وما شابه ذلك، والتي يدرك فلسفتها كل فرد بغض النظر عن معلوماته.
2- الأحكام التي لم تتضح فلسفتها للناس- وأحياناً لعلمائهم آنذاك- وقد أشير
إليها في القرآن أو كلمات الأئمّة، مثلًا ربّما لا يعلم الناس آنذاك الفلسفة
الثلاثية الأبعاد (الأخلاقية والاجتماعية والصحية) للصوم لذلك أشار القرآن إلى
تأثيره التربوي والأخلاقي فقال:
«لَعَلّكُم تَتَّقُونَ»[1] وأشار الإمام
الصادق عليه السلام إلى تأثيره الاجتماعي فقال: «ليستوي به الفقير والغني» وقال النبي صلى
الله عليه و آله: «صوموا تصحوا». ونظير هذه الأحكام كثير ممّا وردت الإشارة إلى أسرارها في متون الآيات
وأحاديث النبي صلى الله عليه و آله والأئمّة عليهم السلام، وكما أشرنا سابقاً هناك
كتاب بهذا الخصوص «علل الشرائع» لأحد كبار المحدثين «الشيخ الصدوق»، كما ذكر
المحدث المعروف «الشيخ الحر العاملي» في بداية كل فصل من كتابه وسائل الشيعة فلسفة
بعض الأحكام.