responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : آيات الولاية في القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 197

الأفعالي ذهبوا إلى الجبر و أن الإنسان مجبور على أفعاله، لأنهم تصوروا إنّ الإنسان إذا كان مختاراً في أفعاله فإنّ ذلك يعني الشرك في دائرة التوحيد الأفعالي، في حين أن هذه العقيدة (و هو الجبر) تثير علامات الاستفهام في كافة اصول العقيدة من النبوّة و القيامة و الإمامة و العبادات التي أمر بها الإسلام.

و الحقيقة أن الإنسان لو كان مخيّراً و مجبوراً في أفعاله و كان يعيش فقدان الإرادة و الاختيار في حركته في الحياة فما معنى مؤاخذته و مساءلته يوم القيامة؟

كيف يمكننا توجيه عقاب المذنبين و ثواب المطيعين في الحياة الآخرة؟ لأن كلًا من المطيع و العاصي كانا يتحركان في سلوكهما من دون اختيار و إرادة، فلا المذنب اختار أن يكون مذنباً و لا المطيع اختار أن يكون مطيعاً، فلما ذا إذن يستحق الأوّل العقوبة و الثاني المثوبة؟

إذا قلنا بالجبر فلا ينبغي لأي محكمة أن تعاقب المجرم على جريمته لأنه مجبور حسب الفرض على ذلك.

هل يصحّ أن نعاقب النار على إحراقها لإنسان بري‌ء؟

هل يعقل أن نحاكم البحر و نقضي عليه بالعقاب الصارم لأن إنساناً بريئاً غرق في مياهه؟

هل يمكننا محاكمة الكهرباء فيما لو أدّت إلى قتل شخص بري‌ء؟

بديهي أن جواب هذه الأسئلة بالنفي و ستكون مثل هذه المحاكمة مضحكة و مدعاة للسخرية، و هكذا حال الإنسان المجبور على أفعاله فإنه يكون حاله حال الماء و النار و الكهرباء فيما لو أقدم على ارتكاب جريمة.

و الملفت للنظر أن أصحاب هذه النظرية يخالفون نظريتهم في مقام العمل و الممارسة، فلو أن أحداً صفعهم لرأيناهم يعترضون عليه، و لو أنّ لصّاً دخل إلى بيوتهم و سرق منها شيئاً لقاموا بتقديمه إلى المحكمة، في حين أن الإنسان إذا كان مجبوراً و فاقداً للإرادة فلا معنى للاعتراض و الشكاية، و لكننا نرى هذا التناقض بوضوح بين قول أصحاب عقيدة الجبر و بين أفعالهم و ممارساتهم.

لعلّ القارئ العزيز يتصور أن هذه المطالب ما هي إلّا أفكار و توهمات تجول في مدارات‌

اسم الکتاب : آيات الولاية في القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 197
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست