الذهن فقط من
دون أن يكون لها رصيد واقعي من الأشخاص المؤيدين لها، و لكن مع الأسف فهناك الكثير
من الأشخاص المغفلين الذين يتحركون في دائرة العقيدة و المذهب من موقع الدفاع
الشديد عن هذه النظرية الباطلة و قد كتبوا في ذلك كتباً متنوعة.
أجل، فإنّ
هؤلاء الأشخاص عند ما لم يستطيعوا إدراك مغزى التوحيد الأفعالي ذهبوا إلى الجبر و
غفلوا عن أن اللَّه تعالى هو الذي وهب للإنسان الاختيار و الإرادة، و عند ما نقول
أن الإنسان حرٌّ و مختار في أفعاله فإنما ذلك على أساس أنّ كلّ هذه الامور متصلة
باللَّه تعالى و بمشيئته، و بذلك لا يكون هناك تقاطعاً بين اختيار الإنسان و
التوحيد الأفعالي.
و قد ذهب
الأشاعرة و الجبرية إلى أكثر من ذلك، فقد أنكروا عالم الأسباب و المسببات و قالوا:
إنّ النار لا تحرق أبداً بل اللَّه تعالى هو الذي يحرق، و كذلك ذهبوا إلى أن الحجر
لا يكسر الزجاج بل بمجرد أن يقترب منه و يمسه فإنّ اللَّه تعالى يقوم بكسر الزجاج.
أجل، فإنهم
أنكروا مثل هذه الامور البديهية بسبب تفسيرهم الخاطئ للتوحيد الأفعالي، و رأينا أن
التوحيد الأفعالي لا يتنافى إطلاقاً مع اختيار الإنسان و إرادته، و كذلك لا يتنافى
مع عالم الأسباب لأن الإرادة السببية في عالم المخلوقات كلّها تعود في الأصل إلى
اللَّه تعالى، فإنه هو الذي وهب الإنسان القدرة و القوّة و العقل و الاختيار و
الإرادة، و بما أن هذه الامور جميعاً من اللَّه تعالى إذن يصحّ نسبتها جميعاً إليه
رغم أن الإنسان لا يتجرد من المسئولية و حرية الانتخاب في دائرة الفكر و العقيدة و
الممارسة.
و لأجل توضيح
المطلب أكثر نضرب لذلك مثالًا:
عند ما يدفع
الأب بعض المال لولده لينفقه في مصارفه و معيشته فالأب من جهة يمكنه في أي لحظة أن
يأخذ هذا المال باعتباره ماله و ملكه رغم أن الابن إذا اشترى بهذا المال شيئاً فإن
المسئولية تقع عليه لا على الأب.
و النتيجة هي
أن التوحيد الأفعالي لا يتنافى مع اختيار الإنسان و إرادته و لا ينبغي أن نتصور أن
ذلك يدخلنا في دائرة الشرك.