والمنع من جبر الضعف بالشهرة[1]- بتخيّل أنّ هذا إنّما يتمّ إذا كانت الشهرة متحقّقة قبل زمن الشيخ، والأمر ليس كذلك؛ فإنّ مَن قبله من العلماء كانوا بين مانع من الخبر الواحد مطلقاً كالمرتضى والأكثر- على ما نقله جماعة- وبين جامع للأحاديث من غير التفات إلى تصحيح ما يصحّ وردّ ما يردّه، فالعمل بمضمون الخبر الضعيف قبل زمن الشيخ على وجه يجبر ضعفه ليس بمحقّق، ولمّا عمل الشيخ بمضمونه في كتبه الفقهيّة: جاء مَن بعده من العلماء واتّبعه عليها الأكثر تقليداً له إلّامن شذّ منهم. ولو تأمّل المنصف وحرّر المنقّب، لوجد مرجع ذلك كلّه إلى الشيخ. ومثل هذه الشهرة لا يكفي في جبر الضعف، بخلاف ثبوت فتوى المخالفين بأخبار أصحابهم؛ فإنّهم كانوا منتشرين في أقطار الأرض من أوّل زمانهم ولم يزالوا في ازدياد- ضعيف[2] بأنّ الفتوى لم تكن بأمرٍ بِدْعٍ حدث بين المتأخّرين بمتابعة الشيخ، بل كان ذلك حاصلًا من زمان الأئمّة إلى زماننا، وعليه شواهدُ في الأخبار أيضاً.
والمنع من الخبر الواحد منحصر في أربعة أو خمسة، ولعلّ ناقله من الأكثر لاحظ دعوى المرتضى رحمه الله الإجماع والضرورة عليه، وغفل عن سيرة المحدّثين، وإلّا فالذي يظهر من أحوال المفيد رحمه الله ومَن تقدّمه نقدُ الأخبار وانتخابها وردّ البعض بالإرسال والضعف ونحو ذلك بحيث يحصل الجزم بأنّ بناءهم كان على العمل بالخبر الواحد في الفرعيّات من دون نكير.
ومقتضى ذلك أنّ قبل الشيخ إلى أوائل الأئمّة إمّا الناس كانوا لا يعملون بشيء أو كانوا جميعاً قاطعين، وكلتا الدعويين مردودة إلى مدّعيها والكاشف عن