في التصوّرات النظريّة والأقيسة الإقترانيّة والاستثنائيّة في
التصديقات معدّاتٍ فيضانها عن اللَّه تعالى في العباد.
وإنّما قلنا: إنّها
معدّات لوقوع الأمر بالنظر في العباد في خلق السماوات والأرض على ما في الآيات
الكريمة والأحاديث الشريفة.
ثمّ اعلم أنّ هاهنا
مذهباً آخر اختاره الفاضل الرازي، وذكر الغزالي أنّه هو المذهب عن أصحابنا، وهو
أنّ النظر يستلزم العلم بالنتيجة بالوجوب الذي لابدّ منه لا بطريق التوليد. وصرّح
بذكر الوجوب لئلّا يتوهّم أنّ هذا الإستلزام [...][1] واستدل عليه بأنّ من
علم أنّ العالم متغيّر وكلّ متغيّر حادث فمع حصول هذين العلمين امتنع أن لا يعلم
أنّ العالم هو الحادث والعلم به ضروري، وكذا في جميع اللوازم مع الملزومات[2].
وهذا المذهب باطل أيضاً
كما اقتضاه ما في هذا الخبر، فقد بان أنّ المعرفة من فعله تعالى، وأمّا الجهل
فلأنّه قسمان: انتفاء العلم والاعتقاد عمّا من شأنه أن يكون له، فيقابل المعرفة
تقابُلَ الملكة والعدم.
ويسمّى جهلًا بسيطاً، إذ
ليس له جزء.
وثانيهما: اعتقاد الشيء
على خلاف ما هو عليه اعتقاداً جازماً مستنداً إلى شبهة أو تقليد أو غيرهما، وذلك
على أن يكون كلّ من هذه معدّ [اً] لحصوله، وهو قسم من الاعتقاد المطلق الشامل
للصوادق والكواذب من الإعتقادات ومضادّ للمعرفة لأنّهما وجوديّان ليس تعقّل أحدهما
بالقياس إلى الآخر، ولا يجتمعان في محلّ واحد من جهة واحدة.
ويسمّى هذا النوع من
الاعتقاد: الجهل المركّب، لتركّبه من جهلين: أحدهما:
التصديق بوقوع أمر ليس
له هذا، والثاني: التصديق بأنّ ما اعتقده امتنع أن لا يكون على وجه اعتقده. وهذا
أولى ممّا يقال في توجيه تركّبه من أنّه عدم العلم بالواقع، وعدم