أن لا يخلقه عقيبه على طريق خلاف العادة، وهم فرقتان:
إحداهما: من يقول: إنّه
بمحض قدرته تعالى من غير أن يكون لقدرة العبد مدخل فيه، ويقولون: إنّ قدرته إنّما
هي على إحضار المتقدّمتين وملاحظة النتيجة فيهما بالقوّة.
وقال الحكماء وكثير من
محقّقي المتكلّمين، منهم خاتم المحصّلين في التجريد: إنّ فاعل النتيجة وموجدها أمر
خارج عن النفس والنظر معدّ لصدورها عنه[2].
والحاصل أنّ الأشاعرة
يقولون: إنّ اللَّه يخلق العلوم النظريّة في ذات العالم على ما جرت به عادتة،
والمعتزلة يقولون: إنّ النظر يولّدها. وأمّا الأوائل، فقالوا: كما أنّ الحسن سبب
معه لحصول العلوم النظريّة البديهيّة كذلك العلوم البديهيّة أسباب معدّة لحصول
العلوم.
أمّا في التصوّرات،
فبالاقتران الحدّي أو الرسمي.
وأمّا في التصديقات،
فبالاقتران القياسي أو الاستغرائي، والسبب الفاعل في الجميع هو المبدأ الأوّل
والعقول الفعّالة المجرّدة عن شوائب القوّة والإمكان.
واختار ذلك المحقّق في
التجريد هذا المذهب بقوله: ولابدّ فيه- أيفي العلم- من الاستعداد، أمّا الضروري
فبالحواسّ، وأمّا الكسبي فبالاولى أيالعلوم البديهيّة[3].
فإذا تقرّر هذا فنقول:
إنّ ما في هذا الخبر من المعرفة وما يشمل البديهيّات والنظريّات، التصوّرات والتصديقات،
وهي ليست فعل العبد بل فعله تعالى وإن كانت حواسّه في الاولى- أيالعلوم
الإحساسيّة في البديهيّات- واقترانُ الحدود أو الرسوم