وعلى التقديرين لا يكون
فعلًا اختيارياً للعبد وإن كان فائضاً من صنع فاعله بحسب كون سوء استعداده معدّاً
لفيضانه عليه، أمّا الأوّل فلكونه عدم المعرفة، فلمّا لم يكن المعرفة فعلًا
اختيارياً للعبد، فكذلك عدمه ليس كذلك، ونسبة الجهل إلى المعرفة تشبه بوجهٍ مّا
نسبة الموت إلى الحياة؛ لأنّه زوالها عمّا يتّصف هو بها بالفعل؛ إذ الزوال إنّما
هو العدم بعد الوجود فيكون عدميّاً.
قال اللَّه تعالى: «خَلَقَ
الْمَوْتَ وَ الْحَياةَ»[1] ذكر العلّامة
الحلّي في كتابه مناهج اليقين:
إنّ وجود الحياة من
اللَّه تعالى، وهو غير مقدور لنا. واستدلّ عليه أبو هاشم بأنّه لو قدرنا عليها
لقدرنا على الموت، والتالي باطل فالمقدّم مثله.
بيان الشرطيّة: أنّ
القادر هو الذي يقدر على الشيء وعلى جنس ضدّه، والموت ضدّ الحياة، وأمّا بطلان
التالي فظاهر؛ فإنّه يتعذّر علينا موت زيد مع صحّة اتّصاف زيد به.
وهذه الحجّة عندي ساقطة
لأنّها مبنيّة على ضدّ الموت للحياة، وعلى أنّ القادر على أحد الضدّين يجب أن يكون
قادراً على الآخر. والسيّد المرتضى شكّ في ذلك من حيث العقل، وجزم بعدم القدرة من
حيث السمع. انتهى.
ثمّ لا يخفى جواز أن
يكون المراد من الخلق التقدير أو لات حدوثه على حذف المضاف. وقد يقال: «إنّ الامور
العامّة قد تحدث أييتّصف المحلّ بها بعد أن لم يكن متّصفاً بها كالعمى فلا خير لو
اريد إحداث نفس الموت ولعلّ هذا الذي لم يتفطّن بأنّ المخلوق يجب أن يكون مقدوراً
ولا قدرة له على انعدام أثره؛ إذ ذاك إنّما يعلّل بعدم