ثمّ لا يخفى أنّ إطلاق
المشيّة في المعاصي بمعنى النهي عنها ما جاء في كلام العرب؛ ويمكن أن يقال:
المشيّة للَّهتعالى بالذات يتعلّق غيره بالخيرات وبالعرض، ومن حيث إنّه لازم لها
كما تقرّر في الحكمة. وأمّا الإرادة فإرادة عزم واختيار أيضاً، ويعبّر عنها في
الأحاديث بالإتمام على المشيّة، وبالعزيمة على ما يشاء وبالثبوت عليه أي الحدّ فيه
والمراد بالقدر والقضاء ما ذكره أميرالمؤمنين عليه السلام في حديث طويل رواه أصبغ
بن نباتة بقوله الشريف «هو الأمر من اللَّه والحكم» ثمّ تلا قوله تعالى: «وَ قَضى
رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ»[2].
والظاهر من حمله ذلك
الحديث امور: منها: أنّ أفعال العباد بقدرتهم واختيارهم، فلا يكون معنى القضاء
والقدر الثابتين له تعالى نظراً إلى أعمالنا خلق أعمالنا؛ إذ هي إنّما تصدر عنّا
باختيارنا وإرادتنا بل المراد بهما الإعلام والكتابة كما ينبئ عنه قوله تعالى:
«وَ قَضَيْنا إِلى
بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ»[3] وقوله: «إِلَّا
امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ»[4] أيعلمناه وكتبناه في
اللوح، فهذا يشمل كلّ ما في السماء والأرض، فلو كان معنى قضائه وقدره خلقها لا يكون
أفعالنا بقضائه وقدره.
ومنها: أنّ معنى القضاء
هو الأمر والحكم.
ومنها: أنّ قضاءه تعالى
عبارة عن علمه الأقدس، وهو لا يستدعي أن لا يكون للعبد