اسم الکتاب : الکشف الوافي في شرح أصول الکافي المؤلف : الشیرازي، محمد هادي الجزء : 1 صفحة : 472
فإن قيل: ما ذكرت إنّما يدلّ على أنّ مبدأ أمثال تلك الامور
نفس[1]، وأمّا
أنّه نفس للعالم بكلّيّته فلا، ولِمَ لا يجوز أن يكون نفساً لعالم العناصر بجملته
لا لكلّيّة العالم على ما ادّعيت؟
قلنا: لا يجوز ذلك؛ لأنّ
الأشبه أنّ تلك النفس المبدأ لتلك الحوادث لا بدّ أن تكون مدركة للجزئيات، فتحسّ[2] بها[3] إحساساً
يليق بها ليكون مشاهدة لتغيّرات في سكّان هذا العالم[4] يحدث فيها منها تعقّل
للأمر الذي يدفع به ذلك النقص والشرّ، ويجلب الخير، فيتبع ذلك المتعقَّل وجود
الشيء المتعقّل، فإنّ عناية مثل هذا الجوهر يجب أن يكون لدفع كلّ نقص وشرّ يدخل
في هذا العالم وأجزائه ليتبع تلك العناية ما يلزمها من الخير والنظام، فلا يجب أن
يختصّ ذلك بشيء دون شيء، فإن كان دعاء لا يستجاب أو شرّ لا يدفع، فهناك شيء لا
يطّلع عليه، ولمّا كان تعقّل هذا الجوهر يتبعه الصور المادّيّة في المادّة، فلا
يبعد أن يهلك به شريرٌ، أو يعيش[5] خيرٌ، أو
يحدث نارٌ، أو زلزلة إلى غير ذلك بدون الأسباب المعتادة، فيجب أن تكون[6] مدركة
للجزئيات، فلها آلات جسمانيّة بها تدرك[7]
تلك الجزئيات؛ لامتناع إدراك الجزئي من حيث إنّه جزئي من النفس بدون الآلات
الجسمانيّة، فلا بدّ لها من جِرم يمكن أن يكون موضوعاً لانتقاش صور تلك الجزئيات،
ومقرّاً لتخيّلها، ومحلًاّ لتلك الآلات الجسمانيّة، وليس في العالم العنصري جسم
كذلك؛ لسرعة فساد الأجسام العنصريّة وعدم ثباتها وبقائها، وهو ظاهر.
وممّا ذكرنا ظهر أيضاً
أنّ لهذه النفس آلاتٍ وقوى جسمانيّةً هي وَهْم الكلّ وخيال الكلّ وحسّ الكلّ على
ما أثبته بعض المحقّقين؛ لأنّها على ما عرفت لا بدّ أن تكون[8] مدركة للجزئيات.
والجزئيات ثلاثة أنواع: منها ما يدرك بالوهم، ومنها ما يدرك بالخيال، ومنها