فلو كان الإمام زين العابدين عليهالسلام كما هو المعروف زاهدا في السياسة ، فما
معنى ربط الحجّاج ـ الذي لا يرتاب في دهائه ـ بين الإمام وبين الملك.
فكلام الحجّاج واضح الدلالة على أن وجود
الإمام عليهالسلام أصبح يشكّل
خطرا عظيما على الملك ، يزعزعه ويزيله ، فهو لا يثبت إلاّ بقتل الإمام.
وأما عبدالملك
، فقد حاول أن يحدّد الإمام عليهالسلام
، كما يقوله الحديث التالي :
قال الزهري : شهدت علي بن الحسين ، يوم
حمله عبدالملك بن مروان من المدينة الى الشام ، فأثقله حديدا ، ووكّل به حفاظا
عدّة.
فاستأذنتهم في التسليم عليه ، والتوديع
له ، فأذنوا لي ، فدخلت عليه ، وهو في قبّة ، والأقياد في رجليه ، والغلّ في يديه
، فبكيت ، وقلت : وددت أني مكانك ، وأنت سالم.
فقال
: يا زهريّ ، أو تظنّ هذا ـ مما ترى عليّ وفي عنقي ـ يكرثني ، أما لو شئت ما كان ،
فإنه ـ وإن بلغ فيك وفي أمثالك ـ ليذكرني عذاب الله.
ثم أخرج يديه من الغلّ ورجليه من القيد
، وقال : لأجزت معهم على ذا منزلتين من المدينة.
قال الزهري : فما لبثت إلاّ أربع ليالٍ
، حتى قدم الموكّلون به ، يظنّون أنّه بالمدينة ، فما وجدوه.
فكنت فيمن سألهم عنه؟
فقال لي بعضهم : إنّا نراه متبوعا ، إنه
لنازل ، ونحن حوله لا ننام ، نرصده ، إذ أصبحنا فما وجدنا بين محمله إلاّ حديده.
قال الزهري : فقدمت ـ بعد ذلك ـ على
عبدالملك بن مروان ، فسالني عن علي بن الحسين؟ فأخبرته ، فقال لي : إنه قد جاءني
في يوم فقدوه الأعوان ، فدخل عليّ فقال : ما أنا وأنت؟