إن هذا الحديث
ـ على طوله ـ فيه من الدلالات على أن وضع الإمام عليهالسلام
السياسي أصبح بمستوى يلجىء الدولة الى اعتقال الإمام وتقييده وتكبيله الغلّ ،
وتطويقه بالحرس.
فهل يعامل المنعزل عن السياسة والزاهد
فيها ، بهذا الشكل حتى لو فرضنا أن الضرورة اقتضت جلبه الى العاصمة؟!
إن أسلوب الجلب هذا فيه الدلالة القويّة
على أن تحرّك الإمام عليهالسلام
كان على مستوى بالغ الخطورة على الدولة.
ثم ماذا كان يظنّ الخليفة في الإمام حتى
التجأ الى فعل كلّ هذا ضدّه ، لو لم يتوجّس منه خيفة التحرّك السياسي.
ويبدو الإمام عليهالسلام مصمّما على التزامه ، فقد أجاب الخليفة
بما أحب هو ، لا ما أراد الخليفة.
وفي التجاء الإمام عليهالسلام الى إعمال قدراته الملهمة من الله
كإمام للأمة ، ووليّ من أولياء الله المخلصين ، فأظهر للملك وللزهري إعجازه الخارق
، تأكيد على ما نريد إثباته وهو أن الإمام زين العابدين عليهالسلام صرّح بأنه يقوم بمهمّة الإمامة الإلهية
، ويثبت للملك وأعوانه ولكل من اطّلع على مجاري الأحداث ، أنّه الإمام الحق ،
والأولى بمقام الحكم الذي يدّعيه عبدالملك.
وهذا هو أظهر أشكال النضال السياسي.
__________________
(١) حلية الاولياء ( ٣ : ١٣٥
) تاريخ دمشق ( الحديث ٤٢ ) مختصر ابن منظور ( ١٧ : ٢٣٤ ) ورواه ابن شهر آشوب في
المناقب ( ٤ / ١٤٥ ) ط الأضواء.