يلاحظ
عليه : أوّلاً
: أنّ المدّعى هو كون روايات الفقيه قطعية الصدور بمعنى تواترها أو محفوفة
بالقرائن التي تفيد العلم بالصدور ، والمتبادر من العبارة هو اعتقاد الصدوق بصحّة
ما أورده فيه ، والصحيح أعمّ من القطعيّ ؛ لأنّ كون الرواية صحيحة عند المؤلّف غير
كونها قطعية الصدور ، فالمراد من الصحة هي اعتبارها عنده وكونها حجّة بينه وبين
ربّه ، وهو غير كونها قطعية الصدور.
ثمّ إنّ تصحيح أحد الأعلام المتقدّمين
كالكليني والصدوق للرواية لا يكون حجّة إلاّ عليهم لا على غيره ، بعدما كانت شرائط
الحجّية مختلفة الأنظار ، فربّ حديث ، صحيح عند الصدوق وليس كذلك عند المتأخّرين
وبالعكس ، فعلى المستنبط أن يتحرّى حتى يقف على صحّة الرواية وعدمها.
فتلخّص من ذلك : انّ الصدوق لم يدّع
قطعية الروايات الواردة في « الفقيه » وإنّما ادّعى اعتبارها ، لكن كون الرواية
معتبرة عند مجتهد لا يكون دليلاً على اعتبارها عند المجتهد الآخر.
وثانياً
: أنّ أحاديث كتاب « الفقيه » لا تتجاوز عن ٥٩٦٣ حديثاً ، منها ٢٠٥٠حديثاً مرسلاً
، وعند ذلك كيف يمكن الركون إلى هذا الكتاب والقول بقطعية مراسيله أو اعتبارها؟!
وأمّا « التهذيب
» و « الاستبصار
» اللّذان يعدّان من الكتب الأربعة فهما من تأليف الشيخ محمد بن الحسن الطوسي وهو
لم يدّع قطعية الأخبار الواردة فيهما ولا صحتها ; بل صرّح في مقدّمة كتابه بأنّ
بعض ما أورده فيهما ضعيف سنداً ، وقسم منها عمل الأصحاب على خلافها. [٢]