اسم الکتاب : رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل المؤلف : الطباطبائي، السيد علي الجزء : 2 صفحة : 269
في جملة كلام له :
وأما توهّم اغتفار التفاوت الحاصل بينها ـ أي بين العلامات الثلاث ـ وعدم تأثيره
في الجهة ففاسد ، لما تقدم في تحقيق الجهة من اعتبار تعيين [1] الكعبة [ أو ] [2] ظنها أو احتمالها ، وهذا القدر من
التفاوت لا يبقى معه شيء منها. فإنّ من كان بالموصل مثلا وكان عارفا مجتهدا في
القبلة يقطع بكونه ـ إذا انحرف عن نقطة الجنوب نحو المغرب بنحو ثلث ما بين الجنوب
والمغرب الاعتداليين ـ خارجا عن سمت الكعبة. وكذا من كان بأطراف العراق الشرقية ـ كالبصرة
ـ إذا استقبل خط الجنوب. وهذا أمر لا يخفى على من تدبّر قواعد القبلة وما يتوقف
عليه من المقدمات. ومن طريق النص إذا كان جعل الجدي على الأيمن يوجب مسامتة الكعبة
في الكوفة التي هي بلد الراوي ونحوها كيف يوجب مسامتتها إذا كان بين الكتفين؟!
لبعد ما بينهما بالنسبة إلى بعد المسافة ، فإنّ الانحراف اليسير عن الشيء مع
البعد عنه يقتضي انحرافا فاحشا بينه وبين محاذاته ، فإنّا إذا أخرجنا خطين من نقطة
واحدة لم يزالا يزدادان بعدا كلّما ازدادا امتدادا ، كما لا يخفى. وأيضا : فلو كان
جعله بين الكتفين محصّلا للجهة كان الأمر بجعله على اليمنى لغوا خاليا عن الحكمة [3].
وإنما
ذكرناه
بطوله لحسن مفاده وجودة محصوله.
(و)
لذا منع هو وكثير من الأصحاب ـ كالمحقق الثاني وجملة ممّن تأخّر عنهما [4] ـ عما (قيل :)
من أنه (يستحب
التياسر لأهل المشرق عن سمتهم قليلا)
[5] قالوا : لأن
البعد الكثير لا يؤمن معه الانحراف الفاحش بالميل