اسم الکتاب : رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل المؤلف : الطباطبائي، السيد علي الجزء : 15 صفحة : 23
وبالجملة فالرواية
قويّة غاية القوة كالصحيحة حجة في نفسها ، مع قطع النظر عن الشهرة الجابرة.
وبها يُعارض جماعة
في استدلالهم بالرواية الأُولى على جواز التجزّي في الاجتهاد [1] ؛ لمكان قوله
فيها : « يعلم شيئاً من قضايانا ».
وذلك لدلالة
الرواية الثانية على اعتبار المعرفة بالأحكام جملة ؛ لمكان الجمع المضاف ، وهو حيث
لا عهد يفيد العموم لغة ، وهي كما عرفت بحسب السند معتبرة ، ولا كذلك الرواية
الأُولى ؛ لأنّها بالاتفاق ضعيفة ، لأنّ في سندها معلّى بن محمّد وأبا خديجة
وحالهما في الضعف مشهورة ، والشهرة الجابرة مشتركة فقوّة السند في الأخيرة مرجّحة.
هذا بعد تسليم
دلالتها ، وإلاّ فهي ممنوعة يظهر وجهه بالتدبّر فيما ذكره الخال العلاّمة أدام
الله تعالى ظلّه في بعض حواشيه ردّاً على بعض هؤلاء الجماعة ، فقال : لا نزاع في
أنّ العلم بجميع الأحكام ليس شرطاً في الفتوى والاجتهاد ، كيف؟ وهو من خواص الشارع
، بل النزاع إنّما هو في اشتراط الاطلاع بجميع مدارك الأحكام والقدرة على
استنباطها ، ومنها التوقف ، كما لا يخفى على المطلع بأحوال المجتهدين الذين لا
تأمّل في اجتهادهم ، بل لا يوجد مجتهد إلاّ ويتوقف في بعض المسائل ، بل وغير واحد
منها.
فعلى هذا لا دلالة
للرواية على التجزّي ، بل على أنّ العالم ببعض الأحكام مجتهد وقوله فيه حجة ،
والمانع للتجزّي يمنع حصول العلم ببعض الأحكام للمتجزّي إلاّ أن يدعي ظهور العلم
ببعضها من دون الإحاطة
[1] منهم العلاّمة
في التحرير 2 : 180 ، والمحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان 2 : 7 ،
والسبزواري في الكفاية : 261.
اسم الکتاب : رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل المؤلف : الطباطبائي، السيد علي الجزء : 15 صفحة : 23