وحينئذ ، فلا معنى لقول الفضل : « عليّ
من جملة ورثة الكتاب » ، ولا سيّما أنّه قد أراد أن يشرك معه من لا يعرف الأبّ
والكلالة ومن كانت المخدّرات أفقه منه [١].
هذا كلّه مضافا إلى أنّ اصطفاء الشخص
لميراث الكتاب يدلّ على أنّه حافظ له ، غير مضيّع لما فيه عمدا وسهوا ، فيكون
معصوما ، وغير عليّ من الصحابة غير معصوم بالإجماع ، فيتعيّن أن يكون هو المراد
بالآية وحده ، أو معه أبناؤه المعصومون بشهادة حديث الثقلين ، وإنّما تركت الرواية
ذكرهم ؛ لأنّهم غير موجودين في وقته ، أو لأنّ ذكره أهمّ ، وهو الأصل وهم فرعه ،
فإذا ثبت ثبتوا جميعا.
فإن
قلت : لا يمكن أن يراد وحده أو مع الأئمّة
خاصّة ؛ لأنّهم معصومون عندكم ، والآية قسّمت من أورثه الله الكتاب واصطفاه إلى
الظالم لنفسه ، والمقتصد ، والسابق بالخيرات ، فيتعيّن أن يراد بالآية مطلق
المؤمنين.
قلت
: التقسيم راجع إلى العباد ، والضمير في قوله تعالى : (
فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ
بِالْخَيْراتِ )[٢] عائد إلى
قوله تعالى : (عِبادِنا) ، لا لمن
أورثه الكتاب واصطفاه منهم ؛ إذ لا يصحّ تقسيم من اصطفاه إلى الظالم وغيره ، ولا
شمول من أورثه الكتاب لكلّ مؤمن عالم وجاهل ، فهي نظير قوله تعالى في سورة الحديد
:( وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا
فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ