قلنا : إذا لم تثبت لنا إمامة ابن الحسن 8 فلا كلام لنا في الغَيْبة ؛ لأنّا إنّما نتكلم في سبب غَيْبة مَنْ ثبتت إمامتُه وعُلِمَ وجودُه ، والكلام في وجوه غَيْبة مَنْ ليس بموجود هذيان.
وإذا لم تسلّموا إمامة ابن الحسن ، جعلنا الكلام معكم في صحّة إمامته ، واشتغلنا بتثبيتها وإيضاحها ، فإذا زالت الشبهة فيها ساغ الكلام حينئذ في سبب الغَيْبة ؛ وإنْ لم تثبت لنا إمامته وعجزنا عن الدلالة على صحّتها ، فقد بطل قولنا بإمامة ابن الحسن 8 ، واستغنى ـ معنا ـ عن كلفة الكلام في سبب الغَيْبة.
ويجري هذا الموضع من الكلام مجرى مَنْ سألنا عن إيلام الأطفال ، أو وجوه الآيات المتشابهات ، وجهات المصالح في رمي الجمار ، والطواف بالبيت ، وما أشبه ذلك من العبادات على التفصيل والتعيين.
وإذا عوّلنا في الأمرين على حكمة القديم تعالى ، وأنّه لا يجوز أن يفعل قبيحاً ، ولا بُدّ من وجهٍ حُسْن في جميع ما فعله ، وإنْ جهلناه بعينه ، وأنّه تعالى لا يجوز أن يخبر بخلاف ما هو عليه ، ولا بُدّ ـ فيما ظاهره يقتضي خلاف ما هو تعالى عليه ـ من أنْ يكون له وجه صحيح ، وإنْ لم نعلمه مفصّلاً.
قال لنا : ومَن سلّمَ لكم حكمةَ القديم ، وأنّه لا يفعل القبيح ؟! وإنّا إنّما جعلنا [٥٨] الكلام في سبب إيلام الأطفال ووجوه الآيات المتشابهات وغيرها طريقاً إلى نفي ما تدّعونه من نفي القبيح عن أفعاله تعالى.
فكما أنّ جوابنا له : أنّك إذا لم تسلِّم حكمةَ القديم تعالى دللنا