responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل المؤلف : مكي العاملي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 280

شيئاً ذا واقعية للموصوف و إنما يُدْرَك بالقياس إلى ما هو أصغر منه.

مثلا: الأرض توصف بالصِغَر تارة إذا قيست إلى الشمس، و بالكِبَر أخرى إذا قيست إلى القمر. و لأجل ذلك لا يدخلان في حقيقة الموصوف، و إِلا لما صح وصف الأرض بوصفين متعارضين.

إذا عرفت انقسام الأَوصاف إلى القسمين، فعليك تحليل مفهوم الشر على ضوء هذا البيان فنقول: إِنَّ كون العقرب موجوداً و ذا سمَّ، من الأمور الحقيقية. و أما كونه شرّاً، فليس جزءاً من وجوده، و إِنمايتصف به سمّ العقرب إذا قيس إلى الإِنسان و تضرره به أو فقدانه لحياته بسببه، و إِلاّ فانه يعدّ كمالا للعقرب و موجباً لبقائه. فإذا كان كذلك سهل عليك حلّ عقدة الشرور من جوانبها المختلفة.

أَما من جانب التوحيد في الخالقية و أنَّه ليس من خالق في صفحة الوجود إلاّ الله سبحانه و هو خير محض ليس للشر إليه سبيل، فكيف خَلَقَ هذه الموجودات المتسمة بالشر، فالجواب أنَّ المخلوق هو ذوات هذه الأشياء و ما لها من الصفات الحقيقية، و أَما اتصافها بالشر فليس أمراً حقيقياً محتاجاً إِلى تعلق العلّة، بل هو أَمرٌ قياسي يتوجه إليه الإِنسان، عند المقايسة.

و إلى هذا المعنى تؤول كلمات الفلاسفة القدامى إذ قالوا:

«1ـ الشر أمرٌ عدمي، و ليس أَمراً موجوداً محتاجاً إلى العلّة.

2ـ الشَّر ليس مجعولا بالذات بل مجعول بالعَرَض.

3ـ إذا تصفحت جميع الأشياء الموجودة في هذا العالم المسمَّاة عند الجمهور شروراً، لم تجدها في أَنفسها شروراً، بل هي شرور بالعَرَض خيْرات بالذات»[1].

و نحو ذلك الأخلاق الذميمة فإنها كلها كمالات للنفوس السَّبُعِيّة و البهيمية و ليست بشرور للقوى الغضبية و الشَّهَوِيَّة. و إِنما شِرِّيَّة هذه الأَخلاق


[1] الأسفار الاربعة، ج 7، ص 62.

اسم الکتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل المؤلف : مكي العاملي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 280
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست