اسم الکتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل المؤلف : مكي العاملي، محمد الجزء : 1 صفحة : 281
الرذيلة بالقياس إلى النفوس الضعيفة العاجزة عنِ ضبط قواها عن الإِفراط و التفريط و عن سوقها إلى مسلك الطاعة الذي تناط به السعادة الباقية.
و كذلك الآلام و الأوجاع والغموم و الهموم فهي من حيث كونها إدراكات، و من حيث وجودها أو صدورها من العلل الفاعلة لها، خيرات كمالية، و إِنما هي شرور بالقياس إلى متعلقاتها.
و أمَّا من جانب توصيفه سبحانه بالحكمة و الإِتقان في الفعل و العمل، فليس في خلق هذه الحوادث و الموجودات شيء يخالف الحكمة، فإنه سبحانه خلق العقارب والحيّات و الضواري و السباع بأحسن الخلقة و أعطاها ما يكفيها في الحياة (الذِي أَعْطَى كُلَّ شَيء خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى )[1]. و إِنما تتسم هذه الحوادث و الموجودات بالشر ويتراءى أنها خلاف الحكمة من حيث المقايسة، و هو أمر ذهني لا خارجي.
إلى هنا خرجنا بهذه النتيجة و هي أَنَّ هناك عاملين دفعا الإِنسان إلى تصور أَنَّ الشَّر، أَمرٌ عيني خارجي يعد إيجاده على خلاف الحكمة والعدل و أَنَّه عصيان عن النظم و هما:
1ـ النَّظرة إلى الأَشياء من منظر الأنانية و تناسي سائر الموجودات.
2ـ تصور أنَّ الشر له عينية خارجية كالموصوف، و الغفلة عن أَنَّه أمرٌ عدمي يتوجه إليه الذهن عند المقايسة.
و قد حان وقت البحث عن التحليل التربوي للشرور الذي يسهّل التصديق بعدم كون إيجادها على فرض كونها أموراً عينية في الخارج - لأجل هذه الآثار التربوية - مخالفاً للحكمة والعدل.
البحث الثَّاني - التَّحليل التربوي لمسألة الشرور
إِنَّ لهذه الحوادث آثاراً تربوية مهمة في حياة البشر المادية تارةً، و في