responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل المؤلف : مكي العاملي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 279

ذلك من الكلمات المأثورة عن كبار المفكرين و أعاظم الفلاسفة والمعنيين بتحليل الظواهر الطبيعية، فإنك تراهم يعترفون بجهلهم و عجزهم عن الوقوف على أسرار الطبيعة. و هذا هو المخ الكبير في عالم البشرية الشيخ الرئيس يقول: «بلغ علمي إلى حدّ علمت أني لست بعالم».

تحليل فلسفي آخر للشرور

قد وقفت على التحليل الفلسفي الماضي، و هناك تحليل فلسفي آخر لمشكلة البلايا و المصائب و لعله أدق من سابقه، و حاصله:

إِنَّ الشر أمر قياسي ليس له وجود نفسي و إِنما يتجلى عند النفس إذا قيس بعض الحوادث إلى بعض آخر، و إليك بيانه:

إِنَّ القائلين بالثَّنوية يقولون إِنَّ الله سبحانه خير محض، فكيف خلق العقارب السّامة والحيَّات القاتلة و الحيوانات المفترسة و السباع الضواري.

ولكنهم غفلوا عن أنَّ اتصاف هذه الظواهر بالشرور اتصاف قياسي وليس باتصاف نفسي، فالعقرب بما هو ليس فيه أي شر، و إنما يتصف به إذا قيس إلى الإِنسان الذي يتأذَّى من لسعته، فليس للشرّ واقعية في صفحة الوجود، بل هو أمرُ انتزاعي تنتقل إليه النفس من حديث المقايسة، ولولاها لما كان للشرّ مفهوم و حقيقة. و إليك توضيح هذا الجواب.

إِنَّ الصفات على قسمين: منها ما يكون له واقعية كموصوفه، مثل كون الإِنسان موجوداً، أو أَنَّ كل متر يساوي مائة سنتيمتر. فاتصاف الإِنسان بالوجود والمتر بالعدد المذكور، أَمران واقعيان ثابتان للموجود، توجه إليه الذهن أَم لا. حتى لو لم يكن على وجه البسيطة إِلاّ إنسان واحد أو متر كذلك فالوصفات ثابتان لهما .

ومنه ما لا يكون له واقعية إلاّ أَنَّ الإِنسان ينتقل إلى ذلك الوصف، أَو بعبارة صحيحة ينتزعه الذهن بالمقايسة، كالكبر و الصغر، فإِنَّ الكبر ليس

اسم الکتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل المؤلف : مكي العاملي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 279
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست