اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 93
وأوصى لقمان ابنه فقال : يا بني ، تعلم
العلم والحكمة تشرف ، فإن الحكمة تدل على الدين ، وتشرف العبد على الحر ، وترفع
المسكين على الغني ، وتقدم الصغيرعلى الكبير ، وتجلس المسكين مجالس الملوك ، وتزيد
الشريف شرفاً ، والسيد سؤدداً ، والغني مجداً ، وكيف يظن ابن آدم أن يتهيأ له أمر دينه
ومعيشته بغيرحكمة ، ولن يهيىء اللّه عزوجل أمر الدنيا والاخرة إلا بالحكمة ، ومثل
الحكمة بغير طاعة ، مثل الجسد بغيرنفس ، أومثل الصعيد بغير ماء ، ولا صلاح للجسد
بغير نفس ، ولا للحكمة بغير طاعة.
واعلم يا بني ، أن الدنيا بحرعميق ، وقد
هلك فيه خلق كثير ، فاجعل سفينتك فيه الإيمان باللّه ، وزادك التقوى ، وشراعك
التوكل على اللّه ، وسكانك الإخلاص له ، واعلم أنك إن نجوت فبرحمة اللّه ، وإن
هلكت بنفسك.
واعلم يابني ، ان من حين نزلت من بطن
أمك استدبرت الدنيا واستقبلت الآخرة ، فأصبحت بين دارين : دار تقرب منها ، ودار
تباعد عنها ، فلا تجعلن همك إلاّعمارة دارك التي تقرب منها ويطول مقامك بها ، فلها
خلقت ، وبالسعي لها اُمرت ، ثم أطع اللّه بقدرحاجتك إليه ، واعصه بقدر صبرك على
عذابه ، وإذا أردت أن تعصيه فاطلب موضعاً لايراك فيه ، وعليك بقبول الموعظة والعمل
بها ، فإنها عند المؤمن أحلى من العسل الشهد ، وعلى المنافق أثقل من صعود الدرجة
على الشيخ الكبير.
واعلم يا بني ، أن الموت على المؤمن
كنومة نامها ، وبعثه كانتباهه منها فاقبل وصيتي هذه ، واجعلها نصب عينيك ، واللّه
خليفتي عليك ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وإياك والكسل والضجر ، فإنك إذا كسلت لم
تؤد فرضاَ ولا حقاً ، وإذاضجرت لم تصبر على حق.
وروى صفوان في كتاب النوادر [١] يرفعه إلى أبي حمزة الثمالي ، عن علي ابن
الحسين عليهالسلام ، قال : « من
صفة المسلم أن يخلط عمله بالعلم ، ويخلص ليعلم ، وينصب ليسلم ، وينطق ليفهم ، لايخون
أمانته الأصدقاء ، ولايكتم شهادته
[١] قال الشيخ الطهراني في الذريعة ٢٤ : ٣٣٣ / ١٧٤٧ : النوادر : لصفوان بن يحيى بياع
السابري ، بجليّ الولاء ، من أصحاب الكاظم ووكيل الرضا والجواد عليهمالسلام ، ومؤلف ٣٠ كتاباً ، المتوفى ٢١٠ هـ ، وهو
من أصحاب الاجماع ، ذكره الكشي والنجاشي والطوسي.
اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 93