responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 284

فافٍّ لدنياً لا يدوم نعيمها

تقلب بنا تاراتها [١] وتصرف

ثم بكت ، فبكى لبكائها وقال :

إن للدهر دولة فاحذرنّها

لا تبيتين قد أمنت الدهورا

قد يبيت الفتى معافىً فيودي [٢]

ولقد كان امناً مسروراً

ثم قال : اذكري حاجتك يا سيدة العرب.

فقالت : بنو النعمان وأهله أجرهم على عوائدهم.

فقال لها : اذكري حاجتك لنفسك.

فقالت : خدم النعمان وعبيده وجواريه أجرِهم على عوائدهم.

فقال لها : اذكري حاجتك لنفسك خاصة.

فقالت له : يد الأمير بالعطية أطلق من لساني بالمسألة.

فأعطاها وأجزل ، فقالت له : شكرتك يد افتقرت بعد غنى ، ولا ملكتك يداستغنت بعد فقر ، ولا جعل الله لك إلى لئيم حاجة ، وأصاب الله بمعروفك مواضعه ، ولا أخذ الله من كريم نعمة إلا وجعلك السبب في ردّها إليه.

فقال : اكتبوها في ديوان الحكمة.

فقالت : اكتبوها في ديوان الحكمة ، فإني رأيت قطع الأواخر يمنع شكر الأوائل.

وقال الصادق عليه‌السلام : « ما توسل أحد اليّ بوسيلة ، أحب إليّ من إذكاري بنعمة سلفت مني إليه أعيدها إليه ».

ولقد صدق عليه‌السلام ، فإن من أحسن خصال المعروف تربيته بإعادة الإفضال به ، وأعلم بأن أهل الفضل والشرف والرئاسة ، يرون أن معروفهم ديناً عليهم ، تتقاضاهم أبداً نفوسهم الشريفة الزكية بإعادته. وأهل الرذالة والنذالة والخساسة ، يرون معروفهم ديناً لهم ، تتقاضاهم نفوسهم الخبيثة بإعادته. وذاك أن أفعال الناس على قدر جواهرهم ، ولقد أحسن مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام في قوله :

إذا شئت تعلم خير الفتى

أدر لحظ طرفك في منظره

فإن لم يبن لك في ذا وذا

فلا تطلبن سوى محضره

بيان الرجال بأفواهها

بها يعرف النذل من خيره



[١] التارات : جمع تارة وهي المرة ( الصحاح ـ تير ـ ٢ : ٦٠٣).

[٢] يودي : يهلك (الصحاح ـ ودى ـ ٦ : ٢٥٢١).

اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 284
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست