وروي أنه لما نزل قوله تعالى : ( كل يعمل
على شاكلته )[٢] بان السرور
بين عينيأبي الدرداء ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله
: « ما هذا السرور يا أبا الدرداء؟ » فقال : نجونا ورب العزة يا رسول الله. قال :
« وكيف ذلك يا أبا الدرداء؟ » قال : إذا كان كل يعمل على شاكلته ، فشاكلتنا الذنب
والعصيان ، وشاكلته العفوِ والغفران ، فسر المسلمون حينئذ سروراً عظيماً.
وروي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : « يأتي على أمتي زمان ، يكون
أمراؤهم على الجور ، وعلماؤهم على الطمع وقلة الورع ، وعبّادهم على الرياء ، وتجّارهم
على أكل الربا وكتمان العيب في البيع والشرا ، ونساؤهم على زينة الدنيا ، فعند ذلك
يسلّط عليهم أشرارهم ، فيدعو خيارهم فلا يستجاب لهم » [٣].
وقال الصادق صلى الله عليه : عن أمير
المؤمنين عليهالسلام : « إن الله
تعالى يبتلي عباده عند ظهور الأعمال السيئة ، بنقص الثمرات ، وحبس البركات ، وإغلاق
خزائن الخيرات ، ليتوب تائب ، ويقلع مقلع ، ويتذكر متذكر ، ويزدجر مزدجر ، وقدجعل
الله تعالى الاستغفار سبباً لدرور الرزق ، ورحمة الخلق ، فقال سبحانه : (استغفروا ربكم إنه كان غفاراً
* يرسل
السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين
ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً)[٤].
فرحم الله عبداً قدّم توبته ، واستقال
عثرته ، وذكر خطيئته ، وحذر منيّته ، فإن أجله مستور عنه ، وأمله خادع له ، والشيطان
موكّل به يزيّن له المعصية ليركبها ، ويمنيهالتوبة ليسوفها [٥] ، حتى تهجم عليه منيّته أغفل ما يكون
عنها ، فيالها حسرة على ذي غفلة ، أن يكون عمره عليه حجة ، وأن تؤدّيه أيامه إلى
شقوة ، نسأل الله سبحانه أن يجعلنا وإيّاكم ممن لا تبطره نعمة ، ولا تحلّ به بعد
الموت ندامة ولا نقمة » [٦].
١
، ٢ ـ الإسراء ١٧ : ٨٤.
[٣] أخرجه المجلسي في بحار الأنوار ١٠٣ : ٨٢ / ١٠ عن اُعلام الدين.
[٥] في الأمل : ليوسفها ، وما أثبتناه من البحار. وقال الشيخ المجلسي « قده » في
بيانه حول الحديث : « والتسويف أن يقول في نفسه سوف أفعل ، واكثر ما يستعمل في
الوعد الذي لا انجاز له ».
[٦] أخرجه المجلسي في بحار الأنوار ٩١ : ٣٣٦ / ٢٠ عن أعلام الدين.
اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 285