والمنجيات فهي : الندم على الذنوب ، والصبر
على بلاء الله والشكر على نعمائه ، والزهد في الدنيا ، والاخلاص في الأعمال وحسن
الخلق ، والخوف من الله تعالى ، والخشوع له فمهما كفي من المذمومات واحدة فيخط [١] عليها في جريده ، ويدع الفكر فيها على
الباقي ، فلا يزال يدفع عن نفسه مذموماً منها إلى أن يأتي على الجميع وكذلك يطالب
نفسه بالأّوصاف المنجيات ، فإذا اتصف بواحدة منها كالتوبة مثلاً والندم وخط عليها [٢] ، واشتغل بالباقي ، وهذا يحتاج إليه من
علت درجته ، وشمّر جده في طلب الصالحات ، وأما اكثر الناس من المعدودين الصالحين ،
فينبغي أن يثبتوا في جرائدهم المعاصي الظاهرة ، كأكل الشبهة ، وإطلاق اللسان
بالغيبة والنميمة ، والثناء على النفس ، والإفراط في معاداة الأعداء ، وموالاة
الأولياء ، والمداهنة مع الخلق في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإن
أكثرمن يعد نفسه من الصالحين فلا ينفك عن جملة هذه المعاصي في جوارحه ، وما لم
تطهر الجوارح عن الآثام ، لايمكن الإشتغال [ بعمارة القلب ] [٣] وتطهيره ، بل كل فريق من الناس يغلب
عليهم نوع من المعصية ، فينبغي أن يكون تفقّدهم لها ، وتفكرهم فيها لإزالتها.
وبالجملة فينبغي للسالك طريق الصالحين ،
الراغب فيما عند الله في الدار الاخرة ، أن ينزل عن قلبه حب الجاه والمال والثناء
، والتعظيم ، فإن ذلك ينبت النفاق في القلب ، لقوله صلىاللهعليهوآله
: « حب الجاه والمال ، ينبت النفاق كما ينبت الماء البقل ».
وقوله صلىاللهعليهوآله
: « ما ذئبان ضاريان اُرسلا في زريبة [٤]
غنم ، بأكثر فساداً فيها من حب المال [٥]
في دين المرء المسلم ».
ولا ينقطع حب الجاه والمال من القلب ، إلاّ
بالقناعة باليسير من الرزق ، وترك
[١] في الأصل : فيحصل ، وما أثبتناه من تنبيه الخواطر.
[٢] في الأصل : وحضّ عليها ، وما أثبتناه من تنبيه الخواطر.