اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 242
ثم أهوال يوم القيامة ، فيصور في نفسه
جهنم ودركها ومقامها ، أهوالها وأنواع ألعذاب فيها وقبح صورة الزبانية ، وأنه
كلّما نضجت جلودهم بدلوا جلوداً غيرها ، وأنهم كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا
فيها ، وإذا رأوها من مكان بعيد سمعوا لها تغيّضاًوزفيراً.
وإذا أرادوا أن ينظروا إلى الرجاء ، فلينظروا
إلى الجنة ونعيمها ، وما أعدّ الله تعالى فيها من الملك الدائم ، والنعيم ، والحور
، واللذات ، [ فعليك بقراءة القرآن ] [١]
والتفكر فيه ، فإنه جامع لجميع المقامات والأحوال ، وفيه شفاء للعالمين ، وفيه ما
يورث الخوف والرجاء ، والصبر والشكر ، وسائر الصفات ، وفيه ما يزجر عن سائر الصفات
المذمومة ، فينبغي أن يقرأه العبد ، ويردّد الآية التي هو محتاج إلى التفكر فيها
مرة بعد أخرى ، ولو مائة مرة فقراءة آية بتفكّر وتفهم خير من ألف اية بغير تفكر
وتفهم ، وليتوقف في التأمل فيها ولو ليلة واحدة ، فإنّ تحت كل كلمة منها أسراراً
لا تنحصر ، ولا يوقف عليها إلا بدقيق الفكر عن صفات القلب.
وكذلك مطالعة كلام رسول الله صلىاللهعليهوآله فإنه قد أُوتي جوامع الكلم ، وكلّ كلمة
من كلماته بحر من بحور الحكم ، وإذا تأملها العاقل ـ حق التأمل ـ لم ينقطع فيها
نظره طول عمره ، وشرح الآيات والأخبار يطول. فانظر إلى قوله صلىاللهعليهوآله : « إن روح القدس نفث في روعي : أحبب
ما أحببت فإنك مفارقه ، وعش ما شئت فإنك ميت ، واعمل ما شئت فإنك مجزي به ». فهذه
الكلمات جامعة حِكم الأولين والآخرين ، وهي كافية للمتأملين فيها ـ طول العمر ـ إذلو
وقفوا على معانيها ، وغلبت قلوبهم عليه بيقين [٢]
لاستغرقتهم ، وحال ذلك بينهم وبين التلفّت إلى الدنيا بالكلية ، فهذا طريق الفكر ،
حتى يعم قلبه بالأخلاق المحمودة ، والمقامات الشريفة ، لتنزه باطنه وظاهره عن
المكاره والرذائل ، لئلا يغفل عن صفات نفسه المبعدة من الله تعالى ، وأحواله
المقربة إليه سبحانه وتعالى ، بل ينبغي أن يكون للأنسان جريدة [٣] يثبت فيها جملة الصفات المهلكات
والصفات المنجيات ، وجملة المعاصي والطاعات ، ويعرض نفسه عليها كل يوم.