اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 244
الطمع فيما في أيدي
الناس ، فينبغي أن لا ينقطع فكر الراغب في هذا الأمر في التفطن بخفايا هذه الصفات
، واستنباط طريق الخلاص منها ، وهذه صفات الأتقياء الصالحين.
وأما أمثالنا فينبغي أن يكون فكرنا فيما
يقوي إيماننا بيوم الحساب ، إذ لو رآنا السلف الصالحون لقالوا قطعاً : إن هؤلاء لا
يؤمنون بيوم الحساب ، فما أعمالنا أعمال من يؤمن بالجنة والنار ، فإن من خاف شيئاً
هرب منه ، ومن رجا شيئاً عمل له ، وقد علمنا أن الهرب من النار ترك ما يوجبها ، وترك
الشهوات من الحرام والمعاصي ، ونحن منهمكون فيها ، وأن طلب الجنة بفعل الطاعات ، وكثرة
طاعة الله بالصلاة والصوم والقربات ، وملازمة الذكر والفكر في طريق النجاة ونحن
مقصرون في القيام بذلك ، فكيف تحصل الجنة مع ترك العمل لها؟ والنجاة من النار مع
العمل بما يوجبها؟
فهذه هي الأماني الكاذبة والغرور ، كما
قال الله سبحانه : (ينادونهم
ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى
جاء أمر الله وغرّكم بالله الغرور )[١] هذا توبيخ
وتقريع لغير الكفار ، بدليل قوله تعالى : (فاليوم لا
يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا)[٢][٣].
يقول العبد الفقير إلى رحمة ربه ورضوانه
الحسن بن أبي الحسن الديلمي ـ أعانه الله على طاعته وتغمده برأفته ورحمته ـ : إني
لأعجب من قوم سمعوا الله تعالى يقول : (إن الله
اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيَقتُلون ويقتَلون
وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن )[٤]
وهم يرجون ذلك بغير بذل نفس ولامال. فانظروا أيها الإخوان إلى معاني هذه الآية ، وكونه
تعالى باع الجنة بالنفس والمال ، وأكثر الناس لا يسمح بماله ولا بشيء منه ولا
بشعرة من نفسه ، ثم مع هذه الحال يرجو الجنة ، فهذا هو الطمع.
ألا ترون إلى إبراهيم الخليل عليهالسلام ، كيف بذل نفسه وولده وماله؟ أمّا