اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 241
في الظاهر ، لا تدرك
حركتها بالبصر ، ولكن بالبصيرة ، ولقد أحسن من وصفها بقوله فيها :
أحلام نوم أو كظلّ زائل
إن اللبيب بمثلها لايخذل
وكان الحسن بن علي عليهماالسلام يتمثل :
يا أهل لذات دنيا لابقاء لها
إن اغتراراً بظل زائل حمق
فينبغي للعاقل أن يفرغ نفسه
للتفكرفي طريق الخلاص من الهلكة ، فيتحرى سبل النجاة من أفعال الخير ، والتوبة
والندم على الذنوب ، والعزم على ترك العود إليها ، والصبرعلى بلاء الله ، والرضى
بقضاء الله ، والتسليم لأمره ، والشكر لنعمائه ، والخوف والرجاء له ، والزهد في
الدنيا ، والاخلاص في العمل ، والصدق في القول ، والجد في الطاعات ، ويفكر كل يوم
في قلبه ، فينظرإلى الذي يقرّبه من هذه الصفات الجميلة فيتحلى به ، وإلى ما يباعد
صفتها فيتجافى عنه ، ورأس ذلك التجافي عن دار الغرور ، والإنابة إلى دار الخلود ، والتزود
لسكنى القبور ، والتأهب ليوم النشور.
ثم لينظر في ايات الوعد والوعيد ، والتشديد
الذي ورد والترغيب ، فيتحقق عند نفسه ذلك ، فيزداد خوفاً من الله ورغبة إليه ، وإذا
أراد أن يتبين له حال الشكر فلينظر في إحسان الله إليه ، وإذا أراد أن يشتد خوفه
فلينظر في ذنوبه ويتذكّرها ، ثم ينظر في الموت وكربته ، والقبر ووحشته ، واللحد
وضغطته ، ومساءلة القبر ودهشته ، ومنكر ونكير ونهرتهما ، وفي هول النداء عند نفخة
الصور ، وهول المحشر ، وجمع الخلائق في صعيد واحد ، ليوم تشيب فيه الصغار ، ويسكر
الكبار ، وتضع كل ذات حمل حملها ، ثم في مناقشة الحساب على الفتيل [١] والنقير [٢] والقطمير [٣] والذرة [٤] والخردلة [٥] ، وكتاب الله الذي لايغادر صغيرة ولا
كبيرة إلاّ أحصاها.
[١] الفتيل : مايكون في شق النواة ، ويقال : هو ما يفتل بين الاصبعين من الوسخ. « الصحاح
ـ فتل ـ ٥ : ١٧٨٨ ».
[٢] النقير : فسره ابن عباس بأن وضع طرف إبهامه على باطن سبابته ثم نقرها. « النهاية
ـ نقر ـ ٥ : ١٠٤ ».
[٣] القطمير : النكتة البيضاء التي في ظهر النواة. « لسان العرب ـ قطمر ـ ٥ : ١٠٨ ».
[٤] الذرة : جمعها الذر ، وهو صغار النمل. « لسان العرب ـ ذرر ـ ٤ : ٣٠٤ ».
[٥] الخردل : حَبُ شجرصغيرجداً. انظر « القاموس المحيط ـ خردل ـ ٣ : ٣٦٧ ».
اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 241