اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 240
يفوزون ، ودرجاتهم
التي إياها يأملون ، ومجدهم الذي به يفخرون ، وسيماهم التي بها يعرفون ، فإذا
لقيتهم يا موسى فاخفض لهم جناحك ، وألِن لهم جانبك ، وذلّل لهم قلبك ولسانك ، واعلم
أنه من أخاف لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة ، ثم أنا الثائر لهم يوم القيامة [١].
وقال بعض الحكماء : الأيام سهام والناس
أغراض ، ترميهم بسهامها ، وتفنيهم بحمامها ، حتى تستعرض جميع اجزائهم ، فكم بقاء
سلامة من لا تزال السهام ترميه حتى يضمنه ، فلو كشف لك ـ أيها الانسان ـ عما أحدثت
الأيام من النقص فيك ، لا يستوحش من كل يوم يأتي عليك ، وإنها لأمر من العلقم ، وقد
أعيت الواصف لعيوبها [٢]
بظاهرأفعالها ، وما تأتي به من العجائب أكثر مما تحيط به المواعظ ، فنستوهب الله
تعالى رشد الصواب وحسن المآب [٣].
وخطب عمر بن عبد العزيز فقال : أيها
الناس ، إنكم خلقتم لأمر إن كنتم تصدقون به فإنكم لحمقى ، وإن كنتم تكذبون به
فإنكم لهلكى ، إنما خلقتم لنعيم الأبد إن أطعتم ، ولجحيم الأبد إن عصيتم ، وانكم
من دار إلى دار تنقلون ، فاعملوا لما أنتم صائرون إليه ومقيمون فيه » [٤].
ويقول العبد الفقير إلى رحمة ربه
ورضوانه الحسن بن أبي الحسن الديلمي ـ جامع هذا الكتاب ، ـ اعلام الدين وصفات
المؤمنين ـ أعانه الله على طاعته ، وتغمده برأفته ورحمته : إنه يجب على أهل العقل
والفهم والأدب والمعرفة ، أن يعلموا أن الدنيا قد أهانها الله » ، حيث لم يصفها
لأوليائه ، ولم يضن بها على أعدائه ، وإنها عنده لحقيرة يسيرة ، فينبغي لأهل هذه
الأوصاف ، أن يأكلوا قصداً ، ويلبسوا قصداً ، وينفقوا قصداً ، ويقدموا فضلاً يكون
لهم ، فينظروا إلى الدنيا بعين أنها فانية ، وإلى الآخرة بأنها باقية ، ويعلموا
أنهم راحلون عنها ، ومحاسبون عليها ، فيخرجوا منها قلوبهم قبل أن تخرج منها أبدانهم
، فإنها سريعة الفناء ، قريبة الانقضاء ، ينظر إليها الناظر فيحسبها ساكنة مستقرة
، وهي سائرة سيراً عنيفاً ، ومثالها الظل فإنه متحرك ساكن ، متحرك في الحقيقة ، ساكن