اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 239
ابن ادم فيها على
خطر ، وإن عقل فنظر ، وهو من النعماء على خطر ، ومن البلاء على حذر.
فلو كان الخالق [١] لم يخبر عنها خبرا ، ولم يضرب لها
مثلاً ، لكانت الدنيا قد أيقظت النائم ، ونبهت الغافل ، فكيف وقد جاء من الله ـ عز
وجل ـ زاجر وفيها واعظ ، ما لها عند الله ـ جل ثناؤه ـ قدر ، وما نظر إليها منذ
خلقها ، ولقد عرضت على نبيك صلىاللهعليهوآله
بمفاتيحها وخزائنها ـ لا تنقصه عند الله جناح بعوضة ـ فأبى أن يقبلها ، وكره أن
يخالف على الله أمره ، أو يحب ما أبغض خالقه ، أويرفع ما وضع ، فزواها عن الصالحين
اختياراً ، وبسطها لأعدائه اغتراراً ، فيظن المغرور بها المقتدر عليها أنه اكرم
بها ، ونسي ما صنع الله عز وجل بمحمد صلى الله عليه حين شد الحجر على بطنه ، وإن
شئت اقتديت بصاحب الروح والكلمة ابن مريم عليهالسلام
كان يقول : إدامي الجوع ، وشعاري الخوف ، ولباسي الصوف ، وصلائي [٢] في الشتاء مشارق الأرض ، وسراجي القمر
، ودابتي رجلاي ، وطعامي وفاكهتي ما أنبتت الأرض ، وليس لي زوجة تفتنني ، ولا ولد
يحرسني ، وإني لأصبح واُمسي وليس في الأرض أحد أغنى مني [٣].
وقال وهب بن منبه : لما بعث الله موسى
وهارون إلى فرعون ، قال لهما : ولا يروعكما بأسه ، فإن ناصيته بيدي ، ولا يعجبكما
ما مُتّع به من زهرة الحياة الدنيا وزينة المترفين ، فلو شئت زينتكما بزينة يعرف
فرعون حين يراها أن مقدرته تعجز عنها ، لكني أرغب بكما عن ذلك ، فأزوي الدنيا
عنكما ، وكذلك أفعل بأوليائي ، أني لأذودهم عن نعيمها كما يذود الراعي غنمه عن
مراتع الهلكة ، وإني لأجنبهم سلوكها كما يجنب الراعي الشفيق إبله عن موارد العرة [٤] ، وماذاك لهوانهم عليّ ، ولكن
ليستكملوا نصيبهم من كرامتي سالماً موفوراً ، إنما يتزين لي أوليائي بالذل والخشوع
، والخوف الذي يثبت في قلوبهم ، فيظهر على أجسادهم ، فهو شعارهم ودثارهم الذي
يستشعرون ، ونجاتهم التى بها