اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 237
وتعذلوه ، وتقولوا
له قولاً بليغاً؟ » فقلت له : جعلت فداك إذن لا يطيعونا ، ولا يقبلون منّا ، فقال
: « اهجروهم واجتنبوا مجالستهم » [١].
قال بعض أهل العلم والدين والزهد : يا
أيها الناس ، اعملوا على مهل ، وكونوا من الله عز وجل [ على وجل ] [٢] ، ولا تغتروا بالأمل ونسيان الأجل ، ولاتركنوا
إلى الدنيا فإنها غرارة خدّاعة ، قد تزخرفت لكم بغرورها ، وفتنتكم بأمانيها ، [ وتزيّنت
] [٣] لخطابها
كالعروس المُتحلّية ، العيون إليها ناظرة ، والقلوب عليها عاكفة ، والنفوس لها عاشقة
، فكم من عاشق لها قتلت ، ومطمئن لها خذلتّ ، فانظروا إليها بعين الحقيقة ، فإنها
دار دام ما كثرت بوائقها ، وذمّها خالقها ، جديدها يبلى ، وملكها يفنى ، وعزيزها يذل
، وكثيرها يقل ، وحيّها يموت ، وخيرها يفوت.
فاستقيظوا من غفلتكم ، وانتبهوا من
رقدتكم ، قبل أن يقال : فلان عليل أو مدنف ثقيل ، فهل على الدواء من دليل ، أم هل
على طبيب من سبيل؟ فيدعى لك الأطباء ، ولا يرجى لك شفاء ، ثم يقال : فلان أوصى ، وماله
أحصى ، ثم يقال : قد ثقل لسانه ، فلم يكلّم إخوانه ، ولا يعرف جيرانه ، وعرق عند
ذلك جبينك ، وتتابع أنينك ، وبليت نفسك ، وطبقت جفونك ، وصدقت ظنونك ، وتلجلج
لسانك ، وبكى إخوانك ، وقيل لك : هذا ابنك فلان وهذا أخوك فلان فمنعت الكلام فلا تنطق
، وختم على لسانك فلم ينطلق ، ثم حل بك القضاء ، وانتزعت نفسك من الأعضاء ، ثم عرج
بها إلى السماء ، فاجتمع عند ذلك إخوانك ، واُحضرت أكفانك ، فغسلوك وكفنوك ، فانقطع
عوّادك ، واستراح حسادك ، وانصرف أهلك إلى مالك ، وبقيت مرتهناً بأعمالك [٤].
وقال بعضهم لبعض الملوك : أحق الناس بذم
الدنيا وقلاها ، من بسط له فيها واعطي حاجته منها ، لأنه يتوقع آفة تغدو على ماله
تجتاحه [٥]
، أوعلى نفسه فتعفيه أوعلى جمعه فتفرقه ، أو تأتي على سلطانه فتهدمه من القواعد ، أوتدب
إلى جسمه فتسقمه ، أو