اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 188
روي عن امرأة من العرب أنها قالت لبنتها
وقد زوجتها وأرادت حملها إلى زوجها : يا بنية ، إن الوصية لو تركت لأدب ومكرمة في
حسب لتركت ذلك منك ، ولكنها تذكرة للعاقل.
يا بنية ، إنه لو استغنت امرأة عن زوج
لكنت أغنى الناس عنه ، لكن للرجال خلقن ، كما خلق الرجال لهن.
يا بنية ، إنك قد فارقت الوكر الذي منه
خرجت ، وتركت الوطن الذي فيه درجت ، وصرت إلى وكر لم تعرفيه ، وقرين لم تألفيه ، أصبح
بملكه إياك عليك مليكاً ، فكوني له أمة يكن لك عبداً واحفظي عني خصالاً عشراً تكن
لك ذكراً وذخراً :
أمّا الاُولى والثانية : فالصحبة له
بالقناعة ، والمعاشرة له بحسن السمع والطاعة ، فإن القناعة راحة للقلب والسمع ، والطاعة
رضى الرب.
وأمّا الثالثة والرابعة : فالتعهد لموضع
عينيه ، والتفقد لموضع أنفه ، فلا تقع عيناه منك على قبيح ، ولا يشم أنفه منك إلاّ
طيب ريح ، فإن الكحل أحسن الحسن الموجود ، وان الماء الطيب المفقود.
وأما الخامسة والسادسة : فالتعهد لوقت
طعامه ، والهدو حين منامه ، فإن حرارة الجوع ملهبة ، وان تنغيص النوم يغضبه.
وأما السابعة والثامنة : فالاحتفاظ
ببيته وماله ، والارعاء على حشمه وعياله ، فإن الاحتفاظ بالمال حسن التقدير ، والارعاء
على الحشم والعيال حسن التدبير.
وأما التاسعة والعاشرة : فلاتفشي له
سراً ، ولا تعصي له أمراً ، فإنك إن أفشيت سره لم تأمني عذره [١] ، وإن عصيت أمره أو غرت صدره.
ثم اتق مع ذلك الفرح لديه ، إذا كان
ترحاً ، والإكتئاب عنده إذاكان فرحاَ ، فإن الخلة الاُولى من التقصير ، والثانية
من التكدير. وأشد ما تكونين له إعظاماً ، أشد ما يكون لك إكراماَ ، وأشد ما تكونين
له موافقة ، أطول ما يكون لك مرافقة.
واعلمي يا بنية إنك لن تصلي إلى ذلك ، حتى
تؤثري رضاه على رضاك وهواه على هواك ـ فيما أحببت وكرهت ـ وعلى أن تؤثري الضنك على
الدعة ، والضيق على السعة ، والله معك يختر لك.
[١] لعله من التعذير في الأمر : أي التقصير فيه « الصحاح ـ عذر ـ ٢ : ٧٤٠ » ، أو ان
الكلمة مصحفة صحتها « غدره ».
اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 188