قال أبو الأسود الدؤلي : حدثني أبو ذر
قال : دخلت ذات يوم على رسول الله صلىاللهعليهوآله
في مسجده ، فلم أر في المسجد أحداً من الناس إلاّ رسول الله وعلي صلى الله عليه
جالس إلى جانبه ، فاغتنمت خلوة المسجد فقلت : يا رسول الله ـ بأبي أنت واُمي ـ أوصني
بوصية ينفعني الله بها ، فقال : « نعم ، وأكرم بك.
يا أباذر ، اعبد الله كأنك تراه ، فإن
كنت لاتراه فإنه عز وجل يراك.
واعلم ان اول عبادة الله المعرفة به أنه
الأول قبل كل شيء فلا شيء قبله ، والفرد فلا ثاني معه ، والباقي لا إلى غاية ، فاطر
السماوات والأرض وما فيهما وما بينهما من شيء ، وهو اللطيف الخبير ، وهو على كل
شيء قدير.
ثم الايمان بي ، والاقرار بأن الله عز
وجل أرسلني إلى كافة الناس بشيراً ونذيراً وداعياُ إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً
، ثم حب أهل بيتي الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
واعلم ـ يا أباذر ـ أن الله جعل أهل
بيتي كسفينة النجاة في قوم نوح ، من ركبها نجا ومن رغب عنها غرق ، ومثل باب حطة في
بني إسرائيل من دخله كان امناً.
يا أباذر ، إحفظ عني ما اُوصيك به ، تكن
سعيداً في الدنيا والآخرة.
يا أباذر ، نعمتان مغبون فيهما كثير من
الناس : الصحة ، والفراغ.
يا أباذر ، اغتنم خمساً قبل خمس : شبابك
قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل
مماتك.
يا أباذر ، إياك والتسويف بأملك ، فإنك
بيومك ولست بما بعده ، فإن يك غداً لك تكون في الغد كما كنت في اليوم ، وإن لم يك
غد لك لم تندم على ما فرطت في اليوم.
يا أباذر ، كم من مستقبل يوماً
لايستكمله ، ومنتظرغداً لايبلغه.
يا أباذر ، لو نظرت إلى الأجل ومسيره ، لأبغضت
الأمل وغروره.