والسليمة ، عملاً
بقوله تعالى : « والحكمة » و « الميزان » ، الذي لعله تعبير آخر عن الحكمة ، التي
تعني وضع الشيء في موضعه ، من غير زيادة ، ولا نقيصة ..
وذلك لانه لابد من التعامل مع الامور
بروح الحكمة ، ولا سيما فيما يرتبط بالحياة الاجتماعية ، التي تحتاج ، إلى مزيد من
الوعي ، وإلى التدبر ، ومن ثم إلى الموقف العادل والصحيح « ليقوم الناس بالقسط ».
ويلاحظ هنا : أنه قد نسب القيام بالقسط
إلى الناس. وهذا القيام إنما هو النتيجة الطبيعية لوعيهم ، ولتكاملهم.
نعم .. إن التعامل مع الامور ، لابد أن
يكون على أساس الحكمة ، التي تعني إدراك الواقع أولاً ، ثم التعامل معه بما يستحقه
، فلا يظلمه بأن يبخسه حقه ، ولا يعتدي عليه ، بأن يتخمه بالعطاء ، حتى يفسد حياته
، ويرهق وجوده ..
إنزال الحديد .. لماذا؟!
وطبيعي : أن قيام الناس بالقسط ـ كما
أشارت إليه الآية ـ لسوف يصطدم بكثير من العقبات. ولسوف يلقى معارضة قوية وساحقة
من قبل الطواغيت والجبارين ، والمستأثرين بمقدرات الامم.
ولسوف يصطدم أيضاً بأولئك الذين يكبلون
الناس بمختلف أنواع القيود ؛ بهدف أن يبقى المجال مفسوحاً ، والباب مفتوحاً ،
أمامهم لاستغلال الناس ، وامتصاص دمائهم ..
كما ويمنعونهم من ممارسة حرياتهم في
مختلف الشؤون ، التي يرون أنها يمكن أن تؤثر على تلك الامتيازات الظالمة ، التي
يجعلونها لانفسهم ، في مختلف مجالات الحياة.
فينزل الله سبحانه الحديد ، فيه بأس
شديد ، ومنافق للناس؛ من أجل أن يصبح هذا الحديد سيفاً قاطعاً ، يدافع عن منجزات
القرآن ، في صنعه لإنسانية الانسان ، ويؤمّن للانسان حريته ، التي جعلها الله
سبحانه وتعالى له حريته في أن يفكّر ويقرر ، ثم في ممارسة حريته بالعمل طبق
قناعاته وقراراته ، بتعليم من الله