نعم .. إن سلمان يعي ذلك كله .. فينطلق
من موقع المربي ، والمسؤول ، في محاولة اكتشاف أي خلل أو خطل حتى في مثل شخصية زيد
الرجل العظيم ، والمتميز ، فيحاول أن يثير فكره ووعيه ، وان يرضده بدقة ليعرف إن
كانت شخصيته قد تلوثت بهذه الاوبئة ، وتأثرت بهاتيك الانحرافات .. من أجل أن
يعالجه بالدواء الناجع ، بعد معرفة الداء ، ان كان ..
التوازن في شخصية
الانسان المسلم :
ولم تكن هذه هي المرة الوحيدة التي
يتعامل فيه سلمان مع اخوانه من موقع المربي والناصح والمسؤول ، فهناك مواقف كثيرة
له ، لها هذا المنحى التربوي الهادف ، ولا نريد استقصاء ذلك في حياته رضوان الله
تعالى عليه ..
بل نكتفي هنا بتسجيل حادثة واحدة له ،
مع زيد بن صوحان ، ولعلها أيضاً ـ تكررت له مع أبي الدرداء ، حسبما ورد في بعض
النصوص الاخرى.
فاننا نجد سلمان ـ قد اكتشف في زيد
جنوحاً إلى العبادة ، والعزوف عن الدنيا بصورة تجاوز فيها حالة الاعتدال ، الامر
الذي من شأنه أن يحدث خللاً ـ غير مسموح به ـ في تعامله مع ما ومن يحيط به .. ويفقد
معه قسطاً كبيراً من حالة التوازن ، التي يفترض أن تكون قائمة في مجال الاستفادة
من أعمال البر والخير ، بحيث لا يؤثر ذلك على تعامله مع جهات اُخرى لا بد له من
تحقيق مستوى معين من التعامل معها ..
وواضح : أن مسألة التوازن مسألة حساسة
وخطيرة ، تمس شخصية الانسان المسلم في العمق ، وترتبط بمجمل مواقفه ، وسلوكه ، وكل
شؤون حياته. وان الاخلال بها معناه حدوث نقص في الدين ، لابد من التحرز منه ،
والمبادرة الى تصحيحه قبل أن يتحول إلى كارثة حقيقية ..
نعم .. وقد أحس سلمان أيضاً : أن زيداً
قد بدأ يتعامل مع العبادات