وفريق ثالث : قد احاط الحاكم بهالة من
الاحترام والقداسة ، لا لشيء إلا لانه حاكم ومتسلط ، ويدين الله بالخضوع له ،
والالتزام بأوامره ، والانتهاء إلى نواهيه ؛ وذلك لانه قد خدع بما حاول الحكام أن
يشيعوه ، من أن سلطتهم سلطة إلهية ، مفروضة على الناس ، لا يمكن لهم الخلاص منها ،
لان تلك هي ارادة الله سبحانه ومن هنا .. فإن الله سبحانه قد طلب من الناس أن
يُدخلوا في عقائدهم وأحكامهم ، عقيدة عدم جواز الخروج على السلطان ، من كان ،
ومهما كان ، لانه يمثل ارادة الله سبحانه على الاُرض ، فمعصيته ، والاعتراض عليه
يوجب العقاب والعذاب الاُليم يوم القيامة .. بل لقد حاول البعض أن يقول : إنه ليس
على السلطان ـ الخليفة ـ عذاب ولا عقاب يوم القيامة [١]
، مهما فعل من موبقات ، ومهما اقترف من جرائم.
وبعد ذلك كله .. فقد كان سلمان يعي وجود
هذا التيارات المنحرفة في المجتمع الاسلامي ، ويعرف في المسلمين ما يعطي أن كثيراً
منهم يتعامل مع الامور من خلال هذه النظرة ، أو النظرية ، أو تلك ..
وهو يعتبر : أن ذلك انحراف عن الخط
الاسلامي القويم ، لان الاسلام يرفض: أن يعتبر الانسان نفسه وذاته كشخص محوراً
للحق والباطل ، والخير والشر.
ويرفض أيضاً : أن يصبح الانسان المسلم
على درجة من الضعف والانهزام ، إلى حدّ أن يعتقد : أن الحق للقوي ، ومعه ..
ويرفض كذلك تقديس الحاكم لمجرد كونه
حاكماً ، فان القداسة ما هي إلا بالتزام طريق الاستقامة والتقوى ، والعمل الصالح ..
كما ويرفض أيضاً : نظرية الجبر الألهي ،
في حاكمية الطغاة ، والجبارين ،