فإذا كان هذا وهو من سكان عالم الحس المعدود عند أهل الإشراق من الغواسق والظلمات وليس نوراً لنفسه لاحتجابه بالمادة والمكان والزمان وغيرهما من لواحق المادة فضلاً عن المهية الإمكانية هكذا.
فما ظنك بالنور الذي هو نور لنفسه غير محتجب بالمهية والمادة ولواحقها وهو بسيط الحقيقة، ومع بساطته كل الأنوار بنحو أعلى وأشد في مقام الكثرة في الوحدة، وفي مقام الوحدة في الكثرة، ملأ نوره الإضافي أعماق كل شيء. ونعم ما قيل:
والحاصل: أنّ العالم كمشكاة امتلأت نوراً وضياء وحسناً وبهاءً وشروقاً وسناءً كما في آية النور، لكن لا كمشكاة عالم الحس، حيث إنّ لها حقيقة ومع كونها حقيقة هي غير حقيقة النور، فإنّ المشكاة للنور الحقيقي صنفان: صنف: هي القوابل التعلمية من المهيات الإمكانية، وصنف: هي القوابل الخارجية من المواد الجسمانية، والمهية (كسَراب بِقيعَة يَحْسَبُهُ الظَّمآنُ مَاءً)[2] لا حقيقة لها، بل متحدة مع الوجود الذي هو النور الحقيقي، والمادة أيضاً متحدة بالصورة غير مبائنة عنها في الوضع، وهكذا في المادة
[1] المخراق ثوب يلف ويضرب به الصبيان بعضهم بعضاً. [2] سورة النور، آية39; مجمع البيان، ج4، ص 146.