ثمّ إنّ صاحب الكفاية أيّد كون ملاك البحث أعمّ، من الفرع الذي طرحه صاحب الإيضاح من أنّه من كانت له زوجتان كبيرتان، أرضعتا زوجته الصغيرة، قال: تحرم الأُولى والصغيرة، وأمّا الثانية فحرمتها و عدمها مبني على كون المشتق حقيقة في خصوص المتلبّس، أو كونه حقيقة في الأعمّ منه و ممّن انقضى عنه المبدأ، فإن قلنا بالأوّل، لم يصدق على الثانية أنّها أُمّ زوجته، بل هي أُم ّ البنت ، وليست أُمّ البنت محرّمة. وإن قلنا بالأعم، يصدق أنّها أُمّ من كانت زوجته سابقاً.[ 1 ]
و أورد عليه سيّدنا الأُستاذ بأنّ الملاك في نشر الحرمة في باب الرضاع هوانطباق أحد العناوين الواردة في لسان النصوص على مورد الرضاع والعنوان الوارد في النصوص إنّما هو (أُمّهات نسائكم) ، كما قال سبحانه (وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَ رَبائِبُكُمُ اللاّتي في حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللاّتي دَخَلْتُمْ بهِنَّ)[ 2 ] و لميرد فيه لفظ «الزوجة» حتّى يبتني البحث على صدق المشتق فالابتناء ساقط من أصله.
يلاحظ عليه: بما مرّ من أنّ قسماً من الجوامد داخل في هذا البحث، أعني: ما يصدق على الذات باعتبار اتّصافها بالمبدأ. وعلى ذلك لا فرق بين الزوجة و النساء فانّ معنى النساء هنا ليس ما يقابل الرجال حتى يكون كالإنسان، بل بمعنى الزوجات كمالا يخفى.
ثمّ أقول: يقع الكلام تارة في المرتضعة، و أُخرى في الكبيرة الاُولى، وثالثة في الكبيرة الثانية.
[1] إيضاح الفوائد في شرح القواعد:3/52. قال: وأمّا المرضعة الأخيرة ففي تحريمها خلاف و اختار والدي المصنف وابن إدريس تحريمها لأنّ هذه يصدق عليها أُمّ زوجته لأنّه لا يشترط في صدق المشتق بقاء المعنى المشتق منه فكذا هنا. و لأنّ عنوان الموضوع لا يشترط صدقه حال الحكم، بل لو صدق فيه كفى، فيدخل تحت قوله تعالى: (وَأُمّهاتُ نِسائِكُمْ) . [2] النساء:23.