أقول: الفرق بين وضعه للمسبّبات، ووضعه للأسباب حيث لا يتّصف الأوّل بالصحّة والفساد، بخلاف الثاني، هو بساطة المسبّب، وتركّب السبب من أجزاء وشرائط يتّصف عند الاجتماع بالصحّة وعند الفقدان بالفساد. ولا يتوقّف اتّصاف السبب بالفساد ملاحظة ما هو المعتبر عند العرف إلى ما هو المعتبر عند الشرع بل نفس المعتبَر عند الشارع باعتبار تركّبه، يتّصف بالصحّة والفساد و إن كان دقيق النظر فيه أيضاً يرجع إلى نفي الاعتبار، لا اعتباره فاسداً و مع ذلك وصف السبب بالصحّة والفساد، أسهل من وصف المسبّب بهما.
الأمر الثالث: إذا قلنا بوضع ألفاظ المعاملات عند العرف للسبّب الصحيح ، فهل اختلاف الشرع و العرف في كون شيء سبباً ـ كبيع المنابذة ـ يرجع إلى التخطئة في المصداق، مع اتّفاقهما في المفهوم، أو يرجع إلى الاختلاف في مفهوم البيع الصحيح بالسعة لدى العرف و الضيق عند الشرع؟
ذهب المحقّق الخراساني إلى الأوّل و قال: ليس للاختلاف في الموضوع له، أعني: العقد المؤثّر لأثر كذا، بل الموضوع له عند الجميع واحد، و إنّما الاختلاف في المحقّقات و المصاديق و من قبيل تخطئة الشرع العرف في تخيّل كون العقد بدون ما اعتبره الشرع في تأثيره، محقّقاً لما هو المؤثّر.[ 1 ]
يلاحظ عليه أوّلاً: أنّه مبني على كون الموضوع له هوالعقد المؤثّر للملكية بهذا العنوان الكلّي، فيرجع اختلافهما في اعتبار شيء في العقد وعدمه، إلى تشخيص المصداق الواقعي. و الظاهر عدم صحّته، بل الموضوع له أمر أضيق من هذا العنوان الكلّي و هو الإيجاب والقبول بشرائطهما، فالعرف لا يعتبر لزوم كون اللفظ عربياً في النكاح، و الشرع يعتبره فليس الاختلاف في المصداق مع الاتّحاد في الموضوع له الكلّي، بل الاختلاف في نفس الموضوع له: هل هو مطلق الإيجاب والقبول أو هما مع كونهما عربيين؟ وقس عليه سائر الموارد وليس ذلك بمعنى