اسم الکتاب : البدعة مفهومها ، حدها وآثارها ومواردها المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 255
وجاء نفس الحديث أيضاً بهذا الاِسناد والمتن في سنن الدار قطني، ثم
قال في آخره: طلحة ضعيف [ 1 ]إذن فالحديث من حيث السند لا يحتج به.
وثانياً: اعترف بعض أعلام السنّة بأن الحديث غير صحيح. قال ابن القيم
بعد أن ذكر الحديث: «فلا يصح. وسمعت شيخ الاِسلام ابن تيمية يقول: هو
كذب على رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) انتهى. وقد روى «كان يقصر
وتتم» الاَوّل بالياء آخر الحروف والثاني بالتاء المثناة من فوق. وكذلك «يفطر
وتصوم» أي تأخذ هي بالعزيمة في الموضعين. قال شيخنا ابن تيمية: وهذا
باطل ما كانت أُم الموَمنين لتخالف رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم )
وجميع أصحابه فتصلّـي خلاف صلاتهم. كيف والصحيح عنها أنّ اللّه فرض
الصلاة ركعتين ركعتين، فلمّا هاجر رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى
المدينة زيد في الحضر، وأُقرت صلاة السفر فكيف يظن بها ـ مع ذلك ـ أن
تصلّـي بخلاف صلاة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والمسلمين معه. قلت:
وقد أتمت عائشة بعد موت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . قال ابن عباس
وغيره: إنّها تأوّلت كما تأوّل عثمان، وإنّ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان
يقصر دائماً، فركّب بعض الرواة من الحديثين حديثاً. وقال: فكان رسول اللّه
( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقصر وتتم هي. فغلط بعض الرواة فقال كان يقصر
ويتم، أي هو» [ 2 ].
وثالثاً: الحديث مجمل ولم يبيّن فيه بأنّ الاِتمام الذي حصل من النبي
( صلى الله عليه وآله وسلم ) هل كان مع اجتماع شرائط القصر من قطع المسافة
وعدم الاِفاقة وغير ذلك أم لا ؟ فحيث يحتمل أنّه أتم النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مع عدم اجتماع شرائط القصر في سفره لا يمكن الاستدلال به على
جواز الاِتمام مطلقاً خاصة وأنّه مخالف لما تواتر عن سنته حول القصر في
السفر.
[1]الدارقطني: السنن: 2|189. [2]ابن القيم: زاد المعاد: 1|158.
اسم الکتاب : البدعة مفهومها ، حدها وآثارها ومواردها المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 255