اسم الکتاب : البدعة مفهومها ، حدها وآثارها ومواردها المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 256
الوجه الثالث: عمل الصحابة وإجماعهم وإجماع الفقهاء :
قال ابن قدامى:
1 ـ عن أنس قال: كنّا ـ أصحاب رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ـ
نسافر فيتم بعضنا ويقصر بعضنا ويصوم بعضنا ويفطر بعضنا، فلا يعيب أحد
على أحد، ولاَنّ ذلك إجماع الصحابة ـ رحمة اللّه عليهم ـ بدليل أنّ فيهم من
كان يتم الصلاة ولم ينكر الباقون عليه بدليل حديث أنس [ 1 ].
يلاحظ عليه: أوّلاً: أنّه ليس المنقول عن أنس في صحيح مسلم أنّه يتم
بعضنا ويقصر بعضنا، نعم جاء فيه فلم يعب الصائم على المفطر و «المفطر على
الصائم» [ 2 ] كما لم يوجد في غيره من الصحاح و
فالظاهر أنّ الاِتمام والقصر زيدا في الحديث من قبل القائلين بالرخصة.
وثانياً: سلمنا صحة الزيادة لكن ليس فيه أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اطلّع على فعلهم فأقرّهم عليه حتى يكون التقرير حجّة علينا ،وليس
عمل الصحابي بمجرّده حجّة ما لم يعلم كونه مستنداً إلى قول النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعمله.
وثالثاً: أنّ إجماع الصحابة المنقول هنا يعارضه عمل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وإجماع الصحابة الثابت بالتواتـر وأنّ الخـلاف ـ الذي حصل
بينهم ـ حدث زمن الخليفة الثالث، فلم يثبت الاِجماع بعد وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بدليل أنّ جمعاً من الصحابة نقدوا عمل عثمان، وأمّا ما نقل من
إجماعهم زمن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فعلى فرض وقوعه ليس بحجة.
قال الشوكاني: «وقد تقرر أنّ إجماع الصحابة في عصره ليس بحجّة والخلاف