ففي ذرّيته تلك الامّة المسلمة التي خُصّت بدعاء إبراهيم يجعل عهد الإمامة فيها و هي التي سمّاها إبراهيم مسلمة و هم الشهداء على الناس و الرسول عليهم شهيد و لا ريب في ضرورة كون الشهداء على الناس هم ممّن لهم صفة العصمة علماً و عملًا و إلّا لكانوا أولى بأن يُشهَد عليهم من أن يَشهدوا على جميع الناس، و أنّ هذه الأمّة المسلمة الموحّدة المعصومة الشاهدة على الناس، أبوها إبراهيم أي من ذرّيته و إلى ذلك يشير قوله تعالى: «كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ»[2] أي أخرجت من عقب إبراهيم عليه السلام.
فهذه الأمّة ليست كلّ الأمّة الإسلامية التي فيها من لا يقبل اللَّه شهادته على بقلة خضراوات، فضلًا عن أن يشهد على جميع أعمال الناس يوم يقوم الأشهاد، بل هي الأمّة المشار إليها في دعاء إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام: «وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ»[4]