لولا الحجة لساخت الأرض وانتشر الفساد

إذن خليفة الله في الثقافة القرآنية هو مصدر الصلاح والإصلاح، وهو مزود بعلوم وأعوان وأنصار، وليس مقصودي أنصار الظهور، ففي سورة الكهف نرى أن الخضر يقوم بأدوار غير مرئية، وغير مكشوفة، وغير معلومة، ولكنها مؤثرة في منعطفات مسيرالبشرية، وهكذا خليفة الله يقوم بأدوار مختلفة، ولو لا تدبيرهم الذي يزود بنظمه من الله عز وجل لساخت الأرض بمعادلاتها التكوينية- بأهلها وانتشر الفساد في نواحيها، هل تعتقدون أن الدول الثمانية العظمى وغيرها تستطيع نظم الكرة الأرضية؟ هناك الكثير من القصور في إدارة العلم البشري للبشرية، ويكتشف هؤلاء بعد عقود أو بعد قرون أن بعض القرارات والإجراءات لم يكن صحيحة، سواء كانت هذه القرارات والإجراءات بيئية أو صحية أو هندسية، أو غير ذلك، وكم سببت هذه القرارات الخاطئة من مشاكل وكوارث للبشرية.

تأثير الأنبياء على المجتمع البشري

القرآن الكريم يؤكد أن صلاح الأرض مرتبط بالخليفة الذي يدبر بإذن الله كل أمور الأرض، فخليفة الله له دور كبير، مثلا النبي إبراهيم (ع) حوَّل دولًا عديدة من عبادة الأوثان إلى عقيدة التوحيد، وهذا المنصب الذي أقرَّه القرآن الكريم لإبراهيم: (وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) البقرة: (124)، فهذا الإنجاز لم يتم بأسطورة الفرد البطل، قد تأتي العديد من الدول لتغير عرفاً من أعراف المجتمع ولا تستطيع، فكيف الحال باتجاهاتهم الفكرية وعقائدهم؟

استطاع النبي إبراهيم (ع) إنجاز ذلك عبر النظم الإلهية التي يزود بها، والقرآن أخبرنا عن إمامة يعقوب وإسحاق (ع) وغيرهما: (وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ) السجدة: (24)، ولم يكن هؤلاء الأنبياء يمسكون بزمام الأمور في العلن، أي لم يكونوا حكاماً، ولكن زمام الأمور لا يقتصر على الحكم السياسي، وهذا ما يذكر في نظرية أهل البيت (ع) في الإصلاح أن النظم والنظام لا يقتصر على النظام الأسري، ولا النظام القطري، ولا النظام الدولي، بل هناك أنظمة خفية، وهي أكثر فاعلية ونفاذاً ينبأنا بها القرآن الكريم.

الإمام علي (ع) لم يكن جليس البيت

وهناك تعبيرات ترد عن الإمام علي بن أبي طالب (ع) بأنه كان جليس البيت لخمس وعشرين سنة، وهذه التعبيرات لم تصدر من معصوم، ولا تستند إلى روايات أهل البيت (ع)، وإنما عبارات جاهلة انطلقت حتى من بعض الأعلام، وكيف يكون